31 مارس، 2020

جائحة كورونا.... القادم أدهى وأمر

  أقبل نحو 15 يوما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن أنفلونزا كوفيد 19 أصبحت جائحة عالمية ويجب التعامل معها على ذلك النحو.

هناك أضطراب كبير في وتشوش في طريقة أنتشار


جائحة كوفيد-19 ومعظم أقوال خبراء الفيروسات تقول بأنها جائحة تنتقل عن طريق القطيرات الصغيرة (droplets)  (أي الرذاذ الملوث التي تنتقل من شخص لأخر ومن لمس الأسطح الملوثة بذلك الرذاذ . 

طبعا الوقت جد مبكر للأخذ بهذا المفهوم ويبدوا لي أن خبراء منظمة الصحة العالمية إنما بنوا ذلك من الخلفية العلمية المعروفة في كيفية أنتقال فيروسات الرشح والزكام.

لكن بالنسبة فأن جائحة كوفيد-19 أقرب أن تكون جائحة يحملها الهواء وليس الرذاذ فقط أي أنها جائحة بسبب فيروس "مجوقل" أي محمول جوا (airborne) والأسابيع القادمة ستثبت أوتنفي أعتقادي هذا .

والخطورة البالغة إننا نتعامل مع فيروس خطير  ومتغير وعلى نحو يجعل من اللقاحات والتي ستستغرق مابين 6 اشهر إلى 12 شهرا لأنتاجها يجعلها عديمة الجدوى أو ذات جدوى محدودة فأنا لا زلت أعتقد أن فيروس هذه الجائحة هو فيروس "مهندس وراثيا" وهذا معناه أن سلالاته المتحورة عنه ربما تفوقه بسرعة الإنتشار بألوف المرات لنجد لا قدر الله أن مصابا واحدا يتسبب في إصابة عشرات الألوف وهذا يعني أن مدينة مليونية سيصاب جميع سكانها في أقل من 72 ساعة ربما بمعدل نصف مليون إصابة يوميا وقد يبدو ذلك أمرا لا يصدق ولكن للأسف هذا تحليلي الشخصي لأن هذه طبيعية الفيروسات الهوائية في المدن المقتضة. 

ولا شك لدي أن أسلوب الفيروس وسلالته تفرض على العالم كله الإبتعاد عن التجمعات وارتداء أقنعة خاصة من نوع N95 ولسنوات قادمة وليست لعام أو بعض عام كما يتمنى الخبراء.

علينا أن ندرك أن الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 بعدما قضت على 30 مليون إنسان خلال عامين بقيت تصول وتجول حتى عام 1933 ميلادي.الرابط (مرور 100 عام على أخطر أنفلونزا في تاريخ البشرية .....هل يعيد التاريخ نفسه؟)


20 مارس، 2020

فيروس كورونا المستجد .... يجتاح العالم

حينما كنت طالبا في كلية الطب قبل نحو 30 عاما درسنا مادة علم الوبائيات (Epidemiology) وفيها تعلمنا أن العدوى لها سلسلة تتكون من 6 حلقات متصلة وهي : 1-الممرض (اي العامل المعدي والمسبب للعدوى) ، 2-المستودع (الخزان أو الحاضن) ،3- بوابة الخروج ، 4-وسائل النقل (الأنتشار) ، 5-بوابة الدخول ، و6-المضيف الجديد. ولكل حلقة دورها الفريد في السلسلة ، ويمكن قطع كل حلقة من خلال وسائل مختلفة. أنقر على الرسمة المرفقة لتكبيرها

الحلقة الأولى (infectious agent) :  هي العامل المعدي (العامل الممرض) اي العامل المسبب للمرض سواء كان فيروسًا أو بكتيريا  ويمكن كسر هذه الحلقة بالتخلص من العامل الممرض باستخدام طرق مختلفة ، بما في ذلك بسترة الحليب ، كلورة (وضع الكلور) في مياه الشرب ، أو استخدام المطهرات.

 المستودع (reservoir) : هو خزان العدوى أو الحاضن أو العائل لها ويمثل البيئة المناسبة التي يحتاجها العامل الممرض من أجل البقاء. يمكن أن تكون الحواضن (وهي المستودعات أو الخزانات)  أما شخصًا أو حيوانًا (حيوانات ، قوارض ، حشرات)  أو مكونًا من مكونات البيئة (مثل التربة أو الماء) .والحاضن (المستودع) يمكن أن حاضنا أوليا أو حاضنا ثانويا. يمكن كسر هذه الحلقة من خلال التخلص من ذلك مستودع  (الحاضن) أن كان من الحيوانات أو الحشرات أوالقوارض ، او من خلال العلاج الطبي  للمصاب و أو الحجر الصحي لمن يشتبه أنه حاضن للمرض حتى يتم اختباره.

بوابة الخروج (portal of exit) : والذي يمثل الحلقة الثالثة  ويعمل بمثابة المنفذ الذي يسلكه العامل الممرض للخروج من مستودعه (الخزان أو الحاضن)  فإذا كان الخزان إنسانًا ، فقد تكون بوابة الخروج عبارة عن لعاب أو أغشية مخاطية أو براز أو دم أو إفرازات من الأنف أو الحلق. باستخدام طرق الحاجز أو الأقنعة ، أو تغطية الفم أثناء السعال ويمكن كسر هذه الحلقة بمعرفة بوابة خروجها فمثلا في فيروس كورونا فان الفيروس يخرج من حاضنه (الأنسان المصاب) عن طريق الإفرازات من الأنف أو الحلق التي تلوث يديه وينشرها المريض في محيطه من خلال المصافحة والعطس والسعال فيلوث بها أسطح الأشياء القريبة منه 
 
وسائل الأنتشار (وسائل النقل)  (means of transmission) : يمكن أن ينتقل العامل الممرض إما بشكل مباشر أو غير مباشر. يتطلب النقل المباشر مخالطة المصاب على نحو مباشر والتعرض له ومنها الاحتكاك في وسائل المواصلات والمصاعد وغرف المرضى. يتطلب النقل غير المباشر ناقلًا ، مثل حيوان أو حشرة. يمكن كسر هذه الحلقة  بمعرفة سبل أنتشار كل فيروس أو بكتريا  فمثلا فيروس كورونا المستجد ينتقل عن طريق القطرات (droplets) فعند العطس والسعال تنتشر القطرات الملوثة بفيروس كرونا في محيط المريض سواء كان الغرفة أو المصعد أو القطار او الحافلة  لتلوث أسطح كل شيء يحيط به بما فيها يديه والتي يضعها على أنفه وفمه
أنقر على الرسمة المرفقة لتكبيرها
قلت وحتى كتابة هذه السطور لا يوجد دليل أن فيروس كرونا ينتقل عن طريق الرذاذ ( (aerosol) وعليه يكون كسر هذه الحلقة بتجنب الأتصال ومقاربة المريض أو حتى المشتبه به وغسل اليدين  ووضع كمامات من نوع خاص  N95

بوابة الدخول (portal of entry) : وهي الحلقة الخامسة في سلسلة العدوى و يمكن دخول العامل الممرض بإحدى طرق ثلاث: الاختراق أو الاستنشاق أو الابتلاع. قد يعتمد مستوى العدوى وشدتها على عمق الاختراق. على غرار بوابة الخروج ، يمكن استخدام طرق الحاجز أو الأقنعة ، لكسر هذه الحلقة  مع طرق أخرى ، مثل طارد الحشرات.
وفي حال فيروس كورونا فان بوابة دخول الفيروس هي الأغشية المخاطية للحلق والأنف 

المضيف الجديد (new host) : يمثل الحلقة السادسة والأخيرة  وحيث تؤثر عوامل مختلفة في تعامل المريض الجديد (المضيف الجديد) في تصديه للفيروس لكن للعمر والحالة الصحية العامة  أثرها الكبير ففي مرض فيروس كرونا نجد أنه تسبب في وفيات كثيرة للمسنين ومن يعانون من امراض تنفسية مزمنة ومن يعانون نقصا في مناعتهم بسبب الأمراض

وعليه ولو طبقنا حلقات العدوي على فيروس كرونا سنجد الآتي :
العامل المسبب للمرض  : فيروس كرونا  مستجد (فيروس من نوع جديد) وهو فيروس يسبب نوعا من الأنفلونزا وهي أنفلونزا متوسطة الشدة يتعافى منها نحو 90% من المصابين ولكن خطورة هذا الفيروس يمكن في انتشاره السريع وعلى نحو مربك للغاية
وحتى كتابة هذه السطور أصاب الفيروس نحو 100000 مائة الف مريض توفي منهم 10000 (عشرة آلاف) مما يجعل نسبة الوفيات منه حوالي 10%
المستودع (الحاضن أو الخزان) : المستودع الأولي (خفافيش +آكل النمل) : قام بعض الصينيون في مقاطعة ووهان بأكل الخفافيش الحية وحتى شرب دمائها لأعتقادات بأنها جالبة للسعادة والنجاح وهذا المستودع تحاول الحكومة الصينية تدميره  ولكن المستودع الثانوي (المرضى) فوجب عزلهم وتطبيق الحجر الصحي  لكل من خالطهم لأسبوعين على الأقل لكن المرض وللأسف إنتقل إلى جارتها إيران في أوائل ديسمبر 2019 وكان المرشد الإيراني علي خامنئي يحث الأيرانيين على الأدلاء بأصواتهم في الأنتخابات وأن التصويت "واجب ديني" مما أدى إلى تفشي مريع للوباء في إيران والمعروف ان ايران لا تقوم بتختيم جوازات السعوديين وذلك ابتداءا من عام 2013 وحتى الساعة جميع الحالات المسجلة في السعودية هي لسعوديين قاموا بزيارة إيران وتحديدا قم ومشهد لأعتبارات دينية
هناك توقعات مرعبة للغاية وهي أن يتوفى 5 اشخاص كل ساعة في ايران ما لم يهب العالم لمساعدتها
بوابة الخروج : القطرات الملوثة بافراز المريض : غسل اليدين  وضع قفازات وحتى وضع كمامات
وسائل النقل والأنتشار : مخالطة المرضى و لمس الأسطح الملوثة
بوابة الدخول : الأغشية المخاطية
المضيف الجديد : أبعاد كبار السن ومن لديهم أمراض مزمنة ومن لديهم نقص في المناعة 


مالذي نتوقعه في مملكتنا الغالية :
في السعودية لا يوجد لدينا "المستودع الأولي" ولكن يوجد لدينا المستودع الثانوي (المرضى) وهم من يساهمون في نقل المرض لأن البعض منهم تظهر عليه فقط علامات الزكام الخفيف والمستودع الثانوي (الحاضن الثانوي) هو من يبقي على الفيروس حيا حتى ينتقل إلى مضيف جديد.
وعليه ستكون لدينا في السعودية ذروة شديدة من هذا الوباء مابين شهور أبريل حتى نهاية شهر مايو وربما تصل الحالات المسجلة للآلوف وبعدها يبدأ هذا الوباء بالأنحسار التدريجي.

هناك جملة من الأمور التي تساعد في التخفيف من حدة أنتشار الوباء :
* التقليل من تخالط الناس من خلال منع الفعاليات الأجتماعية واغلاق المساجد و المدارس والجامعات والأسواق الضخمة
*عزل المناطق الموبؤة عزلا كاملا
*الحجر المنزلي للمصابين أو من يشتبه باصابتهم.
*غسل اليدين أوتعقيمها وخصوصا بعد لمس الأسطح في الأماكن العامة
*وضع كمامة في الأماكن العامة .... أن أمكن ذلك




19 مارس، 2020

أيان ليبكن .... لا كرامة لنبي في قومه


يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن الأعلام العالمي لا يأتي على ذكر الدكتور ليبكن.
الدكتور ليبكن هو خبير الوبائيات ويعمل مديرا للعدوى والمناعة في جامعة كلومبيا الأمريكية وله شهرة عالمية في تقصي الوبائيات -وخصوصا الفيروسات-  وتشخيصها وتمكن وعلى مدى 25 عاما من الكشف عن 800 فيروسا حول العالم وكان من قبل طبيبا متخصصا في أمراض الأعصاب لدى الكبار.
في عام 2003 تمكن فريق بحثه في جامعة كلومبيا الأمريكية من تصميم كاشف دقيق لفيروس الضائقة التنفسية الوخيمة (سارس) severe acute respiratory syndrome
وساعد في عام 2014 على التعرف على المصدر الحيواني (الإبل) لفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية Middle East Respiratory Syndrome (MERS) virus. 
 يقول العطيات أن علاقة ليبكن بالحكومة الصينية بدأت في عام 2004 أثر ظهور جائحة تنفسية هناك سببها فيروس أنفلونزا الطيور من نوع  H5N1 وتسبب في وفاة حوالي 1000 صيني ولقد ساعد ليبكن الحكومة الصينية  آنذاك وعلى نحو فعال في السيطرة على الوباء والتقليل من آثاره.
في مايو 2007 أنطلق فيروس أنفلونزا الخنازير H1N1   وكان الفيروس مطابقا لفيروس الأنفلونزا الاسبانية والتي أنتشرت ما بين عامي 1918-1919 وتسببت في وفاة 50 مليون أنسان حول العالم لكن سلسلة الأجراءات التي قامت بها السلطات الصحية الصينية تحت اشراف الدكتور ليبكن ساهمت وبشكل كبير في التقليل من عدد الوفيات لتكون ربع مليون وفاة حول العالم.    
وفي عام 2014 كان له دورا محوريا في منع تفشي الضائقة التنفسية التي أنطلقت من المملكة والتي سميت بضائقة الشرق الأوسط  التنفسية (كورونا الإبل) بعد تسجيل عددا من الحالات في عددا من المقاطعات الصينية
وفي عام 2017 كرم الرئيس الصيني الدكتور ليبكن بأعلى وسام صيني وأمر أن توضع صورته في صالة العظماء وجاء في معرض تكريمه أن الدكتور ليبكن أسهم وبشكل فعال السلطات الصينية لوضع أستراتيجيات لمواجهة جوائح العدوي وتم تعيينه رئسا فخريا لمركز بكين للسيطرة على العدوى بالأضافة إلى منصبه عضو اللجنة الأستشارية لمركز باستير (Institut Pasteur de Shanghai) في شانغ-هاي الصينية
وفي يناير من عام 2020 دعته الحكومة الصينية على عجل للوقوف على أجراءاتها التي أتخذتها لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) والنظر فيها وحتى أقتراح ما يمكن فعله.
يقول العطيات أن الدكتور  ليبكن أضاف عدة أجراءات جميعها تميزت بالصرامة الشديدة لعل من أبرزها:
*الشروع فورا بعزل مقاطعة ووهان عزلا كاملا
*عزل جميع المواطنين داخلها في منازلهم عزلا كاملا (حجر منزلي)
*تعليق كافة المناشط والفعاليات
*أغلاق المدارس والجامعات
*تعليق كافة أسباب تنقل الأفراد سواء كان حافلات أو قطارات أو طائرات.
*تتبع كل صيني خرج من مقاطعة ووهان من الأول من يناير 2020 والكشف عليه أو عزله.
*فرض حضر التجول في مدينة ووهان بقوة الشرطة  والجيش.
*تحويل 14 فندقا لتكون مستشفيات واماكن حجر للمشتبه بهم.
*تطبيق أعلى معايير السلامة من غسل الأيدي ووضع كمامات واقية.
*الشروع ببناء عدد 3 مستشفيات لتكون جاهزة في غضون أسابيع لأستعمالها وقت الضرورة
*تجنيد الطواقم الطبية للتعامل مع ما بين 120-250 ألف مريض محتمل.

يعتقد الدكتور العطيات أن جملة الأجراءات التي وضعت قيد التنفيذ الفوري في منتصف يناير 2020 ستكون حاسمة وسنرى أثرها الناجع بعد 8-12 أسبوعا.



نحن وكورونا المستجد
تفشت متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في المملكة العربية السعودية  في شهر أبريل عام 2014، وتسمى أيضا كورونا الإبل وحيث أصابت 600 شخص و بلغ عدد حالات الوفاة 298 حالة لتكون نسبة الوفيات 50% تقريبا في حين أن تقديرات الخبراء أن تكون نسبة الوفيات لا تتجاوز 10% فقط. 
أن خبرتنا مع تفشي كورونا الإبل كانت سيئة للغاية في اسلوب التعامل والتعاطي مع الوباء بالرغم من أن كورونا الإبل كان ينتشر ببطء شديد بسبب طبيعة الفيروس ويعتبر من أهون الجوائح التنفسية لكون مصدره معروفا والسيطرة التامة عليه أهون من شرب كوبا من الشاي كما يقول الأمريكان لكنه كان بالنسبة لنا كارثيا فعوضا أن تطلب السلطات الصحية العون من الخبراء العالميين من خبراء منظمة الصحة العالمية أو من الخبراء الأفذاذ من أمثال الدكتور ليبكن أو خبراء مركز التحكم في الأمراض والأوبئة جاءت قرارت كل منشأة صحية قائمة بذاتها وليس هناك أي تنسيق وتكامل لا على مستوى المدينة الواحدة ولا على مستوى الدولة باسرها تزامن ذلك مع الأخفاء والتعتيم عن عدد وأماكن الحالات الجديدة ذلك التعتيم الذي اضر بنا كثيرا فالمملكة أصبحت بؤرة تفشي الداء وأصبحنا حديث العالم.
أتمنى صادقا أن لا نكرر نفس الخطأ ولتبادر السلطات الصحية وبكافة مستوياتها باستشارة وحتى دعوة خبراء الجوائح العالميين لمراجعة الأجراءات المتخذة ولتكن الصين لنا مثالا يحتذى فهي لم تتوانا من الطلب من الخبير الأمريكي ليبكن لياتي للصين وعلى عجل للوقوف على الأجراءات والأحتياطات واقتراح المزيد  ... فهل الصين وهي دولة عظمى ليس لديها من الخبراء ما يكفي ؟
قلت أن من ياتي أليك من الخارج ينظر للأمر بدون تأثير من الضغوطات السياسية أو الدينية أو النفسية فهو يرى الأمر بعين الخبير.

وختاما أقول أن الاعلام الأمريكي لا يأتي على ذكر هذا الخبير الا لماما ولا نجد له أسما في عضوية لجنة الطواريء التي شكلها البيت الأبيض بل أن اللجنة تضم أسماءا مغمورة لم تتمرس التمرس الفعلي في مواجهة الجوائح العالمية وهذا يذكرني بقول قالته العرب قديما أنه .... "لا كرامة لنبي في قومه" والنبي هو  كل من نبا (وكأنه على نبوة أي مرتفع من الأرض).

18 مارس، 2020

نحن و كورونا ... التفشي قادم لا محالة

قبل نحو أسبوعين وتحديدا في 11 مارس 2020 أعلنت منظمة الصحة العالمية أن جائحة كورونا (كوفيد-19) أصبحت جائحة عالمية وأن على جميع دول العالم التعامل معه على هذا النحو.
وهناك كما أسلفت في تديونة سابقة 3 أختيارات على كل دولة الأخذ بأحدها ثم أعادة تقييم أوضاعها والأنتقال للخيار الذي يليه وهكذا والذي يفرضه مدى أنتشار الجائحة وعدد الوفيات وبنية وجاهزية النظام الصحي للتصدي والتعامل مع الجوائح والأؤبئة (رابط التدوينة وهي بعنوان :
ملامح تعاطي الأنظمة الصحية مع جائحة (وباء) فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)  
وفي مملكتنا الغالية تم الأعلان  الرسمي وتحديدا يوم 2 مارس 2020عن حالة المريض الأول (يعتبر الحالة الصفرية) (رابط الخبر من وكالة الأنباء السعودية)
وفي التقرير اليومي لوزارة الصحة أنها أقامت مركزا للتحكم للسيطرة وتوجيه الجهود والمصادر لمواجهة هذه الجائحة الخطيرة.
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أنه وحتى كتابة هذه السطور لم تسجل أي حالة أصابة للوباء في المنطقة الوسطى وتحديدا الرياض العاصمة حيث يقدر عدد السكان فيها قرابة 5 مليون ما بين مواطن ومقيم.
قلت أن القرارات التي أتخذتها وستتخذها وزارة الصحة بما فيها الحصول على قرارات سيادية عليا (أغلاق المدن ، حظر التجول ، فرض التباعد) قلت أنها لن تمنع من تفشي الوباء لكنها بالتأكيد ستؤخر "توقيت" تفشيه أي أنها ستدفع ذروة التفشي إلى ربما بداية أو نهاية شهر حزيران (يونيه) وهذا جيد للغاية لأنه يعطي المخطط الطبي الوقت الكافي لتجنيد الطاقات البشرية والمصادر الطبية والأستعداد الجيد للتخفيف من آثار الجائحة.
معلومات وبائية:
هناك أضطراب كبير في طريقة أنتشار جائحة كوفيد-19 ومعظمها تقول بأنها جائحة تنتقل عن طريق القطيرات الصغيرة (droplets)  (اي الرذاذ الملوث التي تنتقل من شخص لأخر ومن لمس الأسطح الملوثة بالرذاذ الملوث. لكن بالنسبة لتصوري أن جائحة كوفيد-19 أقرب أن تكون جائحة  يحملها الهواء "مجوقلة" (airborne) لأن المعطيات الوبائية التي بين يدي حتى كتابة هذا السطور شحيحة. قلت أن سلوك هذه الجائحة يشيه إلى حد بعيد سلوك الأنفلونزا الاسبانية الرهيبة التي ضربت العالم عام  1918 واستمرت 15 شهرا  وتسببت في وفاة ما لايقل عن 30 مليون أنسان. (تدوينة عام 2018 بمناسبة مرور 100 عليها تجدها في هذا الرابط (مرور 100 عام على أخطر أنفلونزا في تاريخ البشرية .....هل يعيد التاريخ نفسه؟)
كيف تعامل بلد المنشأ (الصين) مع هذه الجائحة؟
قامت الصين ومن منتصف يناير بفرض أغلاق تام لمقاطعة ووهان الصينية حي تفشى الوباء في شهر ديسمبر  2019 -  وفرضت الحجر المنزلي الكامل على سكانها البالغ عددهم 22 مليون نسمة كما قامت بحظر التنقل والسفر داخل الصين مع السماح لمن يريد الخروج من ووهان إلى خارج الصين !!!
وبسبب أجراءات عزل مقاطعة (ووهان) الموبؤة فأن أعداد الاصابات والوفيات في بقية أرجاء الصين لا تكاد تذكر مقارنة بحجم وكثافة الصين والذي تجاوز عدد سكانها مليار نسمة.
البيانات الوبائية المتوفرة من الصين وبالرغم من عدم الموثوقية القوية في صحتها الا أنها تبين لنا أن جائحة كوفيد- 19سريعة الأنتشار لكن نسبة المتوفين منها قليلة جدا وهي لم تتعدى 1% من جملة المصابين* وهذا يدعو لشيء من التفاؤل -والذي يجب أن يكون حذرا للغاية -  في سيرورة هذه الجائحة الخطيرة. وعليه أتوقع حتى نهاية حزيران (يونيه) اي بعد مرور 6 أشهر من أنطلاق هذه الجائحة أن يكون عدد المصابين الكلي في المملكة ما بين 100 ألفا وصولا إلى 150 ألف أصابة وبوفيات مابين 1000 إلى 1500 وفاة طبعا هذه الأرقام هي توقعية يحكمها عدة أمور أهما :
*الأجراءات الأحترازية على مستوى المملكة وكيفية التعاطي مع الوباء.
* مدى ألتزام المواطن والمقيم بالتعليمات والتوجيهات الصحية
* توفرأسرة العناية وأجهزة التنفس الصناعي والطاقم الطبي المدرب.
* توفر المعقمات ووسائل الحماية الشخصية.
*عدد المصابين من المرضى ممن لديهم أمراض مزمنة (سكري ، ضغط ، فشل كلوي ،التهاب مزمن في الشعب الهوائية ، الشيخوخة). 
  ------------------------------------------
* كتبت تدوينة في مايو 2019 متلازمة تنفسية خطيرة صينية المنشأ... تلوح في الأفق
وجاءت التدوينة بسبب قرآتي لكتابات صينية كتبت في الأشهر الأولى (فبراير-مارس-أبريل) من سنة 2019 ويذكر كتابها أصابة عددا من العالمين ومرتادي سوق الحيوانات في مقاطعة ووهان الصينية بأنفلونزا أعادت إلى أذهانهم شبح جائحة السارس.  
* مجوقلة كلمة مركبة للقوات التي تحمل جوا إلى ساحة المعركة.
* طبقا للحسابات الوبائية التقريبية من خلال معرفة عدد المصابين والمتوفين في دولة الصين وهي البلد الذي تفشى فيه الوباء قد تكون الأرقام غير دقيقة من مصدرها.
* متانة الرئة السعودية وهي متانة "جينية" ستكون حاسمة في تقليل عدد الوفيات من هذه الجائحة


14 مارس، 2020

ملامح تعاطي الأنظمة الصحية مع جائحة (وباء) فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)

أعلنت منظمة الصحة العالمية خلال مؤتمرها الاعلامي الاربعاء  الموافق 11 مارس 2020 أن فيروس كورونا أصبح وباء عالميا ويعتقد العطيات أن المنظمة الدولية قد تأخرت كثيرا في رفع درجة الوباء من جائحة محلية (صينية) إلى جائحة (عالمية) (أتبع رابط التدوينة) إلى منظمة الصحة العالمية ..... لقد تأخرتم كثيرا

 يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن النظام الصحي في بلد ما أمامه 3  خيارات للتعاطي مع الأوبئة وخصوصا الجوائح العالمية.وكل خيار له مساوئه وحسناته.
الخيار الأول : ترك الجائحة تفعل فعلها والأكتفاء بمعالجة الحالات السيئة وهذا خيار محفوف بالكثير من المخاطر لأنه يعتمد على ترك الجائحة (الوباء) لينشط بين السكان حتى تصل الأصابة به (سواء كانت خفيفة أو شديدة)  إلى أكثر من 70% بالمائة من مجموع السكان (مناعة القطيع) (مناعة مجتمعية) عندها يبدأ الوباء في الأنحسار التدريجي لأن الفيروس لا يجد من ينتقل له. 
قد يبدو هذا الخيار منطقيا أذا عرفنا بدقة الخصائص الأمراضية للوباء قيد النظر مثلا كأن يكون الوباء انفلونزا موسمية متوسطة الشدة أو حينما يكون هناك لقاحا متوفرا لها . لكن كل المعلومات التي توفرت لدي أن الوباء ينتشر بسرعة رهيبة ويصيب الآلاف يوميا قلت حتى لو كانت الأصابات الشديدة جدا أو حتى حالات الوفاة هي كما يقولون 2% فأن هكذا نوع من الجوائح يسبب أنهيارا سريعا للنظام الصحي وعليه فأن هذا الخيار هو خيار كارثي بكل ما تعنيه الكلمة.
الخيار الثاني : أتباع أسلوب (الحجر+ العزل) أي حجر العائدين من خارج البلاد وعدم السماح لهم بمخالطة مجتمعهم أو التجول في الاسواق أو المرافق ويكون الحجر لمدة 2-3 أسابيع وهي فترة حضانة فيروس كورونا ومعه عزل المصابين (بأختلاف درجات حالاتهم) لكي لا يصبحون خزانات لنشر الوباء هذا الخيار سيعمل على خفض معدل الأصابات لكنه يسبب ضغطا على أسرة المستشفيات وخصوصا أسرة العناية المركزة حيث تزيد نسبة أشغال هذه الأسرة 70%.
الخيار الثالث : أتباع أسلوب (حجر + عزل + تباعد) والمقصود بالتباعد هو التباعد الجسدي في الساحات العامة والحدائق والأسواق ودور السنما ووسائل النقل.في معظم الأوبئة التنفسية فأن التباعد الجسدي بحدود 120 سم -200 سم (متران) يعتبر مقبولا لكن مرة أخرى لا تتوفر لدي بيانات فيزيائيه عن خواص فيروس كورونا وسرعة انتشاره الرهيب تدل على أن سحابة الرذاذ من المصاب ربما تتجاوز 5 أمتار.
قلت أن نسبة نجاح التباعد الجسدي دور حاسم للغاية في الأوبئة وأقل نسبة نجاح فيها حينما يلتزم به حوالي ربع السكان (25%) وأجودها حينما تصل نسبة التباعد الجسدي بين السكان حوالي 40% عندها سينخفض معدل الأصابة بالفيروس والأهم من ذلك هو أن أسرة العناية المركزة ستكون متوفرة لمن يحتاجها.
 كيفية تعاطي الأنظمة الصحية العالمية مع جائحة كورونا القاتلة:
الصين : حيث يعتقد أنها بؤرة الوباء وحيث أصاب الفيروس حوالي 50 ألف صيني جميعهم في مدينة ووهان وتسبب في وفاة 3500 صيني.قامت الصين بعزل المدينة عزلا كاملا عن بقية المدن والمقاطعات الصينية وشددت الأجراءات الصارمة وسيكون لذلك اثرا كبيرا في أنخفاض الأصابات والوفيات في بقية المدن الصينية
بريطانيا : للأسف النظام الصحي البريطاني أختار الخيار الأول وهو ترك الوباء في سيرورته و هو قرار كارثي وعليه أتوقع أن تكون نسبة الأصابات بحدود 250000 (مائتان وخمسون الفا) إلى 500000 (نصف مليون) أصابه وبوفيات ما بين (40000) (أربعون ألفا) إلى (60000) (ستون ألفا).
أمريكا : وحتى كتابة هذه السطور ليس من تحرك نشط من السلطات الصحية الأمريكية لأحتواء الوباء بالرغم من تشخيص الحالة الأولى فيها وقبل عدة أيام .لا أعلم حقيقة ما يجري في الخفاء لكن أن كان هناك أتجاه عام في ترك الوباء يسير بسيرورته كأنفلونزا موسمية (الخيار 1) فهذا خيار كارثي كما اسلفت أما توقعاتي المستقبلية للوضع الصحي العام في أمريكا فهو يعتمد على الأجراءات التي تتخذها السلطات الصحية في كل ولاية فأن كانت متراخية أو تنتقل ببطء من خيار إلى آخر فأني أقدر عدد الأصابات سيتجاوز 5 مليون أمريكي  أما الوفيات  فستكون مابين (120000)  (مائة وعشرون ألفا) إلى (160000) مائة وستون ألفا بنهاية حزيران 2020
أستراليا : وزارة الصحة الاسترالية تتجه نحو الخيار رقم 4  (الخيار الممتاز للتعاطي مع الأوبئة الخطيرة) وهي تسابق الزمن في فرض حزمة من الأجراءات الأحترازية وهذه هي الخطوط العريضة للنهج الأسترالي العام في التعاطي مع هذا الوباء المميت
* هناك أتجاه قوي إلى مفهوم الأغلاق الكامل ولمدة ما بين 6-8 أسابيع ربما بعدها يعاد تقييم الوضع الصحي العام في شان الأستمرار أو التخفيف
*الكشف النشط وأجراء مئات الألوف من الأختبارات الميدانية للتشخيص المبكر
*التقصي والتتبع الدقيق عن المخالطين للحالات المؤكدة والتفكير بوضع برنامج (تطبيق هاتفي) يكون حلقة الوصل ما بين المخالطين ووزارة الصحة حيث يمكن متابعة حالة المخالط والمريض على نحو دقيق.
* نشر الوعي العام بضرورة التقيد بشروط الصحة العامة (غسل أيدي +كمامة)
* ألتزام المنازل والعمل من داخلها وعدم الخروج الا لحاجة ملحة.
السعودية: قبل نحو أسبوع تم الأعلان الرسمي عن تشخيص الأصابة الأولى بفيروس كورونا لسعودي عائد للتو من إيران. رابط الخبر في موقع وكالة الأنباء السعودية (واس) (رابط الخبر)   قلت أن هذه الحالة تمثل الجزء المنظور من جبل الجليد الضخم ويجب أعتبار أن هناك 1000 حالة مماثلة فإيران فيها تفشي خطير للغاية. وأنه من المؤسف أن إيران أتبعت سياسة عدم تختيم جوازات من يزورها من السعوديين وعاد الكثير ممن زاروا إيران في ديسمبر 2019 و يناير 2020 . علينا أن ندرك أن أجراءات الضبط والتتبع للقادمين من البحرين ستكون مهمة ومفيدة للغاية لأنها ستكون من منافذ عبور الوباء وتفشيه لا سمح الله.كذلك وجب ضبط ومتابعة لكل القادمين من أسبانيا و إيطاليا  والخيار الأفضل هو الحجر في فنادق المطارات لمدة 3 أسابيع.
أنا أتتبع خيارات وزارة الصحة السعودية  في تعاطيها مع الوباء فخيارها -حتى كتابة هذه السطور-هو خيار رقم 2 - ولا أعلم حقيقية ماهي الأسباب التي حالت دون الأنتقال سريعا إلى الخيار 3 أو حتى الخيار 4 .
وكما هو ملاحظ فان الخيارات الجيدة (3 أو4 ) مضاف لها أسلوب التباعد الجسدي قلت وهذا معضلة كبيرة للغاية في مملكتنا الحبيية  فهناك الشعائر الدينية (صلوات + طواف) والتي لا يتوفر فيها أسلوب التباعد الجسدي يضاف إلى ذلك المدراس والقاعات المقتضة بطلابها وحتى البيوت والمنازل يضاف إلى ذلك العادات الأجتماعية من تزاور ومناسبات الأفراح ولا يفوتنا تكدس العمال  مساكنهم وفي وسائل النقل العامة مما يجعل من الجميع المواطنين والمقيمين خزانا ضخما يغذي تفشي الوباء. أن عدم الأنتقال السريع  أو حتى التأخر بالانتقال إلى أحد هذين الخيارين سيؤدي إلى ذروة  كبيرة في عدد الأصابات والتي أتوقع أن تصل وبنهاية شهر حزيران (يونيو) 2020 ما بين (120000) (مائة وعشرون ألف) حالة وصولا إلى (200000) (مائتي ألف) وسيكون ثلثاها (60%) من الأخوة المقيمين .
قلت وبالرغم من هذا العدد الضخم من الأصابات فأن نسبة الوفيات ستكون قليلة وأتوقع أن تكون أقل من 1000 حالة وفاة (ثلثاها تقريبا للمقيمين) وتفسيري لقلة الوفيات بين السعوديين -تحديدا - يعود لأسباب وراثية تجعل من الرئة السعودية مقاومة لفيروسات الكورونا تحديدا.

وقى الله البلاد والعباد شر هذا الوباء