20 نوفمبر، 2013

في مجالنا الصحي .... مدراء لا قادة

في نظامنا الصحي الحالي نفتقر إلى وجود قيادات طبية لها القدرة بالنهوض بالقطاع الصحي فالدولة أيدها الله تصرف بسخاء كبير على مشاريع التنمية الصحية وحينما تصدر الميزانية في كل عام نجد أن وزارة الصحة تستأثر بنسبة عالية جدا من الميزانية
وبالرغم من هذا الأنفاق السخي فأن مستوى الصحة العام لدينا لا يوازي حجم الأنفاق الهائل.هذا التناقض دفع بولاة الأمر من ملوك هذه البلاد رحم الله من توفي منهم وعفى عن الأحياء منهم إلى التغييرالمستمر في وزراء الصحة لعل التغيير يأتي بالأفضل
قلت وحتى كتابة هذه السطور أطاحت وزارة الصحة ب 14 وزيرا
(الوزير الحالي هو الدكتور عبدالله الربيعة وهو الوزير رقم 15)
قلت ولعها تكون بذلك وزارة صحة الأشهر في العالم  أطاحة بالوزراء.
أن غياب (القيادات) الطبية المتميزة وهيمنة نفوذ (المدراء) الكبار تسبب في غياب الخطط الصحية الأستراتجية حيث تحول المدراء  إلى مجرد مدراء تصريف الشأن الأداري اليومي.

ولست هنا في معرض التفريق بين "القائد الطبي" و "المدير الطبي" لأن بينهما بون شاسع في القدرات والمهارات سواء كانت عقلية أو سلوكية.

في غياب القيادات فأن الرؤى المكتوبة والتي تزين مكاتب المدراء وصالات الوزارة وحتى الصفحات الأولى من التقارير السنوية ستكون مجرد رؤى "نظرية" تنتظر من يترجمها على أرض الواقع.

نعم أقولها وبكل صراحة لا يوجد -حتى الساعة - ما يمكن تسميتهم "قيادات طبية" بل أن الوصف الدقيق هو "مدراء" في منصب أداري طبي رفيع وفي تصوري أن هذا الوضع سيتمر لسنوات قادمة بل وسيتسنم هرم وزارة الصحة وزراء من خارج القطاع الصحي -وهو أمر غير مألوف في الدول النامية و حيث جرت العادة بتولية وزارة الصحة لوزير له خلفية طبية أو صحية - وسنشهد في السنوات العشر وربما العشرين سنة القادمة أسناد الوزارة إلى وزراء يأتون من خلفية تربوية أوهندسية.
أن نظام الصحة العام لدينا وطريقة أدارته أسّس لمفهوم "المدراء الكبار" وأعادة تدويرهم المستمروحيث لا يخضع تعيينهم لمعايير الكفاءة بقدر ما يخضع لمعايير الأقدمية والتراتبية وحتى الجهوية؟


كيف السبيل لتأهيل القيادات الطبية؟
حقيقة لا يوجد حل سحري لهذه المعضلة المزمنة ولكن على قطاعنا الصحي ان يبدأ -ودون أبطاء - بتأهيل قيادته المستقبلية من خلال تفريغ مدراءه إلى دراسة نظامية في أكاديميات صحية ذات شهرة عالمية  في تأهيل القيادات الطبية وعلى أن يتم تفريغ الطبيب "المدير" من سنتين إلى ثلاث سنوات للحصول على زمالة في الأدارة الطبية ليعود وهو مسلح بأصول ومهارات وحتى "أدوات" القيادة الطبية.
عندها وعندها فقط يمكن القول أنه أصبح لدينا خارطة طريق لتأهيل قيادات طبية قادرة على النهوض بحال صحتنا المتعثر.