18 يوليو، 2015

امرؤ القيس



قيل ان اسمه (حُنْدُج) وقيل (عَديْ) وقيل ايضا (مُلَيْكَة) وعُرف بكُنى كثيرة منها (أبو حُجُر) و (أبو وهب) و (أبو زيد)، و (أبو الحارث) ومن القابه (الملك الضليل) و (ذو القروح) و (امرؤ القيس) فطغى اللقب الأخير على اسمه وعُرف به وهو ملك غطفان وأسد، أما أمه فهي فاطمة أخت المهَلهِل (زعيم تغلب)

مرت حياة (امرىء القيس) بمرحلتين مهمتين أولاهما مرحلة الشباب العابث، والثانية مرحلة السعي العاثر إلى الملك المسلوب و يفصل بينهما مصرع أبيه.
نشأ حُنْدج (امرؤ القيس) في بادية (نجد) من أسرة توارثت الملك، ودانت لها قبائل العرب من ربيعة ومضر، ومضى (امرؤ القيس)  يتردد بين أسرة أبيه وأسرة خاله المهَلهِل (التغلبي) ، مزهواً بنفسه وبملك أبيه، غارقاً في لذائذ الدنيا فإنْ مال إلى اللهو وجد بين الإماء والقيان طِلْبته، وإنْ طلب القنص سار في ركابه أتراب مجون ، يبغون ما يبغي من ركوب الجياد، ومطاردة الفرائس.
وعندما تنادى (امرؤ القيس) في مجونه و غيّه وخلاعته وضلاله طرده أبوه ، فلم يزده ذلك إلا اصرارا عليها،  إذ راح يصرف شرخ شبابه في الشهوات ، فنراه يرافق كل شاذ وصعلوك وغاو وفاسق
وبينما هو غارق في لذائذه، وقعت واقعة نقلته من المجون إلى الشجون، ومن الخمر والقمر، إلى الغمّ والهم فعندما وصله خبر مقتل أبيه قال قولته الشهيرة (ضيّعني صغيراً ، وحمّلني دمه كبيراً ، لا صحو اليوم، ولا سكر غداً اليوم خمرُ وغداً أمر)  فآلى ألا يأكل لحماً، ولا يشرب خمراً، ولايضع دهنا، ولا يصيب امرأة، حتى يدرك ثأره  فلبس (امرؤ القيس) عصابة الحرب والثأر، فحاولت قبيلة (أسد) قتلة أبيه أن تترضاه، فلم يرضَ، فقاتلهم حتى كثرت الجراح والقتلى فيهم ، وحجز الليل بينهم، وهربت بنو أسد ونزحت الى (شمال) نجد.
لم تشف هذه المقتلة غلّ (امرئ القيس)، واستنصر بقبيلة (حِمْيّر) اليمنية فنصروه وأمّدوه بخمسمائة رجل من رجالهم ولكن هذا المدد لم يحقق النصر الذي يروم له (امرو القيس) فاضطر إلى التجول بين أمراء قبائل العرب في بادية نجد من أمير إلى أمير، ليتجرع الغصص غصّة بعد غصّة فأدرك أن لا ناصر له الا قيصر (الشام) فترك ماله وأسلحته لدى السموأل بن عادياء (اليهودي) ، ويممّ نحو القيصر فأحسن قيصر وفادته، لكنّه لم يعنه على استرداد ملكه  وهناك أصيب بالجدري فمات ودفن في بلاد الشام (انظر شاهد القبر ).
كان شعر (امرئ القيس) في المرحلة (الأولى من حياته  يتّفجر حيوية وتفاؤلاً وزهواً، واعتزازاً فجاء معظمه  حول الغزل والتشبيب يصف مجالس الأنس والخمر وحياة المجون ورحلات الصيد  والتي وصف فيها وببراعة (الحصان) رفيقه في الصيد، ومطيته في ساحات الوغى ، وفي المرحلة (الثانية) فكان شعره غارقا في الشكوى والحزن والتذمّر من غدْر الناس والزمان فغلب على شعره المدح والهجاء والفخر بالملك القديم ووصف (الناقة) وسيلته في قطع الفلوات والوصول لمن يعتقد بنصرته لأستعادة ملك أبيه.
لأمرئ القيس معلقة مشهورة مطلعها يقول :
قفا نبكِ من ذِكرى حبيبٍ ومنزلِ ... بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخولِ فحَوْملِ

يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي ان (سقط اللوى) ، (الدخول) ، (حومل)  جميعها أسماء لعروق أوحزون وهي جميعها (جبال رملية) كان يرتادها مع قبيلته فـ(سقط اللوى) منعقد رملي جميل في نفود الدهناء الشمالية ،  أما (الدخول) فهو عِرق (جبل رملي) ضخم مواز لعِرق (حومل) ويفصل بينهما خِب (ممر عريض مستوٍ) يسمى (خِب الدخول) ويحده جنوباً كثبان (الينسوعه). ويطل طرفه الشمالي على (خِب سحيرا_توضح)
الاسم القديم     الاسم الحالي
سقط اللوى   نفود جبله (بكسر الجيم)
الدخول        نفود الدخول
حومل         نفود الهامل
 (انظر صورة قوقل الأرض المرفقة)


وعثر في  عام 1900 في آثار منطقة (نمارة)  في (حوران) في جنوب سوريا شاهد لقبر امرئ القيس وهو مكتوب بالحرف النبطي الشمالي (أنظر الرسمة المرفقة)