08 مايو، 2018

صدام وسطم .... ما لاتعرفه!!

حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين المجيد البيجي التكريتي (1937 – 2006)* العراق بالحديد والنار ولم تكن تأخذه رأفة ولا شفقة ومما زاد الأمر سوءا وعجل بأنهيار العراق بعدما بناه أبناءه المخلصين أنه ولى مناصب مفصلية لأخوانه -غير الأشقاء- ولأبناء عمومته ولنا أن نتخيل أن صهره حسين كامل المجيد (زوج رغد صدام حسين) (1954 -1996)* يترقى وبسرعة البرق من رئيس الحماية الشخصية إلى فريق أول في الجيش العراقي في حين أن حسين كامل لم يعرف عنه أنه تخرج من مدرسة أو كلية عسكرية و لا حتى يعرف عنه أن تخرج بشهادة معهد أو جامعة . واصل الصهر حسين كامل المجيد صعوده السريع ولتسند له وزارة التصنيع العسكري ثم يكون فريقا أولا مفتشا على الجيش العراقي كما أن صدام عين وبنفس الطريقة أبن عمه علي حسن المجيد (علي كيماوي) (1944–2010) ليترقى كما ترقى حسين كامل ليصل إلى قائدا للمنطقة الجنوبية برتبة فريق.
 يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن حسين كامل صهر الرئيس وبرفقته اللواء حسين رشيد التكريتي قاما بزيارة للقيادة العامة الميدانية  بعدما سقطت منطقة الفاو في أيدي الأيرانيين وحيث خيرة الضباط العراقيين الكبار وفي تلك الزيارة ظهر صهر الرئيس غاضبا للغاية وكال لهم السباب والشتائم حتى أنه - ولولا خشيته من غضب الرئيس الملهم - كان في نيته أن يأتي بحاوية بنزين يرشها على خيامهم ثم يحرقهم جميعا،  يقول العطيات أن ذلك السلوك أثار سخط الضباط على الفريق (الزائف) ويبدوا لي أنهم أضمروا بضرورة التخلص من القائد الملهم وأقرباءه.

النقيب سطم الجبوري كان آمرا لسرية دبابات ثم نقل بنفس رتبته للحرس الجمهوري فوجدها فرصة سانحة للتخطيط للتخلص من صدام خصوصا أن في يوم 6 كانون الأول من كل عام هو عيد الجيش العراقي وحيث يكون صدام وأعوانه الكبار على رأس الحضور.
تمكن سطم من الحصول على دعم بعض قيادات الحرس الجمهوري وحتى من أقرباءه الجبور في الحماية الشخصية للرئيس.
خطة النقيب سطم هي أستنساخ لخطة الملازم خالد الأسلامبولي والذي تمكن فيها من أغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981 أثناء العرض العسكري وبحسب الخط (أ) يتولى سطم و حوالي 30 فردا من المشاركين بالعرض العسكري بأطلاق نار كثيف على منصة الرئيس صدام. أن فشلت الخطة (أ) فهناك الخطة (ب) وهي أن يتولى أفراد الحماية الشخصية بالشروع بقتل صدام ومعاونيه.
سارت الخطة على النحو المرسوم لها وفي الخامس من كانون الأول 1989 وكان يوم جمعه تم أدخال ذخيرة حية لسلاح العرض فأنتبه لذك نائب ضابط أسمه (أ.ف : ليعذرني القراء عن التصريح بأسمه) والذي أبلغ صهر الرئيس الفريق حسن كامل بأن شيئا يدبر والذي بدوره أبلغ الرئيس صدام حسين والذي وجههم بعدم التسرع بالقبض على المتآمرين بل السير معهم حتى ضبطهم أما العرض العسكري فأمر بتسجيله ومن ثم أعادة بثه في التلفزيون العراقي.
تم القبض على النقيب سطم وحوالي 50 فردا ممن يعتقد بتورطهم وتم أعدامهم بعد محاكمات قصيرة  فكان منهم من عشيرة الجبور التالية أسمائهم :  ﺍﻟﻨﻘﻴﺐ ﺟﻤﺎﻝ ﺷﻌﻼﻥ ﺍﺣﻤﺪ ﺍﻟﺠﺒﻮﺭﻱ ﻭﺍﻟﻨﻘﻴﺐ مضحي علي حسين الجبوري والنقيب محمود عبدالله الجبوري وﺍﻟﻨﻘﻴﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺠﺒﻮﺭﻱ ﻭﺍﻟﻨﻘﻴﺐ صالح جاسم ﺍﻟﺠﺒﻮﺭﻱ ﻭﺍﻟﻨﻘﻴﺐ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺠﺒﻮﺭﻱ  والنقيب صباح عبداله حسن الجبوري ﻭﺍﻟﻤﻼﺯﻡ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺣﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﺒﻮﺭﻱ ﻭﺍﻟﻤﻼﺯﻡ ﺧﻴﺮﻟﻠﻪ ﺣﻤﻴﺪﻱ ﺍﻟﺠﺒﻮﺭﻱ ﻭ ﺣﺴﻦ ﻧﺎﻳﻒ ﺍﻟﺠﺒﻮﺭﻱ ﻭ ﻗﻴﺲ ﻋﺴﻜﺮ ﺍﻟﺠﺒﻮﺭﻱ ﻭ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺠﺒﻮﺭﻱ ﻭ ﺣﺴﻦ ﻣﻄﻠﻚ ﺍﻟﺠﺒﻮﺭﻱ.

أما الرئيس صدام حسين فقد طلب وجاء عشيرة الجبور ووجه لهم كلاما قاسيا كما أمر بطرد كل الجبور في وظائف الدولة من المرتبة السابعة فما فوق) فتسبب ذلك بطرد 4600 جبوري من كافة قطاعات الجمهورية. (مقطع صوتي للرئيس صدام وهو يتحدث لوجهاء عشيرة الجبور تجدونه في أسفل التدوينة).

هوامش :
صدام حسين المجيد البيجي التكريتي (1937 – 2006):
كان عضوا في حزب البعث العراقي وكان من أنشط أعضاءه ترقى في الحزب حتى وصل إلى منصب نائب رئيس جمهورية العراق و رئيس مكتب الأمن القومي العراقي بحزب البعث العربي الاشتراكي بين 1975 -1979.ثم رئسا لجمهورية العراق 1979م -2003 م. فقد صدام والده وهو صغير فكان على أمه صبحة بنت خيرالله طلفاح الزواج من أبن عمها أبراهيم الحسن وكان رجلا شريرا فكان يسوم الطفل صدام سوء العذاب وصولا إلى طرده من البيت وكان عمر صدام حوالي 12 سنة فكان على صدام أن يعيش في بيت خاله خيرالله طلفاح . يقول العطيات أن أول دم سفكه صدام كان دم الشيخ سعدون البوناصر ليمنعه من الوصول إلى منصب شيخ مشايخ العوجه في تكريت في صراع تقليدي على المشيخة.قبل وصوله وبعد وصوله للسلطة تخلص صدام من عدد كبير من رفاق كفاحة فكان بذلك الحاكم المطلق للعراق.
بعد الأجتياح الأمريكي للعراق 2003 وحل الجيش العراقي وتنصيب حاكم مدني أمريكي للعراق (بيرمر) وبعد تخفي دام لأشهر تم القبض على صدام ومحاكمته حيث حكم عليه بالأعدام لتورطه المباشر في مجزرة قرية الدجيل.
الدجيل قرية فلاحية قريبة من بغداد وزمن الحرب العراقية-الإيرانية قامت المخابرات بخطف الكثير من أبنائها والدفع بهم للجبهات دون أن يقدم لهم أبسط التدريبات  العسكرية. ولما علم أهلها بذلك أخذوا بالتذمر الشديد فكان على الرئيس صدام زيارتهم تكريما لشهدائهم . وفي الطريق الزراعي رصد له 10 شبان ليسوا من الدجيل وبعد خروجه عائدا هجموا على الموكب وفي تبادل النار قتل الحرس 8 منهم وفر اثنان منهم وأختفيا في بساتين الدجيل.
في اليوم التالي طوقت فرقة خاصة من الحرس الجمهوري القرية وقامت بالقبض على حوالي 400 فردا منهم ما بين رجال وشيوخ ونساء وأطفال ونقلتهم إلى سجن أبو غريب بالقرب من بغداد وقامت بتجريف بعضا من مزارع القرية.
في السجن تعرض القرويون البسطاء لأشبع صنوف التعذيب لأنتزاع أعترافات كاذبة وفي السجن تم أعدام عددا من الشبان خارج القانون كما تم تأكيد أعدام المحققين ل 12 طفلا أعمارهم دون 14 سنة من بقي حيا منهم نقلوا إلى سجن في الموصل. 

 * حسين كامل المجيد (1954 -1996) :
صهر الرئيس العراقي في عام 1996 غادر للأردن في 1995 في زيارة عادية وبصحبته شقيقه صدام كامل لكنه غير رأيه وتواصل مع الأمريكان معلنا عن رغبته في أطلاعهم على أسرار برنامج العراق لأسلحة الدمار الشامل فهو ممسك بالملف منذ عام 1988. في عام 1996 أصدر صدام عفوا عنهما ولكن بعد رجوعهما للعراق تمت تصفيتهما مع والدهما على يد العشيرة ويعتقد العطيات أن التصفية جاءت بطلب من صدام.

*علي حسن المجيد (علي كيماوي) (1944–2010) : 
بعد أجتياح العراق تم القبض عليه وتمت محاكمته وسبب أعدامه هو تورطه المباشر بالتطهير العرقي لقرية حلبجة الكردية حيث أمر بضربهم بغاز السارين القاتل يوم 16 مارس 1988 مما تسبب في الوفاة الفورية لحوالي 5200 كردي غالبيتهم كانو شيوخا ونساءا وأطفالا بينما توفى حوالي 7000 كردي في الاسابيع والاشهر التالية لتكون الحصيلة مابين 10000-12000 كردي. 

تسجيل صوتي للقاء الرئيس العراقي مع وجهاء عشيرة الجبور العراقية
 
      

02 مايو، 2018

سر البيت الكبير الذي رفض التطعيمات

شاكيل أفريدي، جراح باكستاني وهو الجاسوس الذي جندته وكالة الأستخبارات المركزية الأمريكية لتتبع زعيم القاعدة أسامة بن لادن.
كان على شاكيل أن يتمرس على عمل جديد لم يألفه كجراح فعليه أن يقوم بالمرافقة والإشراف على حملات تطعيم موجهه للاطفال والفتيات من قبيل حملات التطعيم ضد شلل الأطفال والتهاب الكبد الوبائي للفتيات من سن 15-35 سنة
لقد طلبت منه المخابرات الأمريكية أن يأخذ مسحات من أفواه الأطفال والفتيات ويحفظها ثم يسلمها لعميل لها (والمعلوم أن أخذ مسحة من الفم ثم وضعها في حافض خاص هي من طرق الحصول على عينة للحمض النووي ولعلها الوسيلة الأسهل)
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لديها سجل الحمض النووي لشقيقة زعيم القاعدة أسامة بن لادن والتي توفيت في أمريكا في ولاية بوسطن عام ٢٠١٠  كما تحتفظ ايضا بتحليل الحمض النووي لأحد أبناءه ، وعليه كانت الأستخبارات الأمريكية تأمل بالعثور على طفل أو فتاة في منطقة (ابوت اباد) يقودها تحليل حمضه او حمضها النووي إلى تحديد منزل اسامة بن لادن فالمخابرات الأمريكية لديها معلومات استخباراتية ترجح وجود بن لادن في تلك المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية
أتضح لشاكيل وهو المشرف على هذه الحملات "المرسومة" أن هناك بيتا مكونا من ٣ طبقات (فيلا ضخمة) وتسكنه عائلة كبيرة فيها أطفال وفتيات يرفض على الدوام السماح للحملة من تطعيم أطفالها أو السماح للفتيات في المنزل المذكور بالحصول على تطعيم ضد التهاب الكبد الفيروسي يقول العطيات فحامت الشكوك حول تلك الفيلا  ابتداءا من عام ٢٠١٠ ميلادي وتم تكثيف الرصد والتنصت على ذلك "البيت الكبير"  وتأكد لهم ان أسامة بن لادن يقيم فيه.
يقول العطيات ان وكالة الاستخبارات الأمريكية كانت لتستطيع الهجوم فورا على ذلك المنزل والذي لا يتمتع بأي نوع من الحماية وحتى البسيط منها لكنها آثرت أن تنتظر لعدة اشهر حتى تقرر في أول مايو ٢٠١١ مهاجمة المنزل وقتل بن لادن ومن ثم رمي جثمانه في البحر بحسب الرواية الرسمية الأمريكية.
ذكر الدكتور شاكيل حينما قبضت عليه السلطات الباكستانية بعد تصفية بن لادن وقال أنه التقى ٢٥ مرة بعملاء لوكالة الأستخبارات الأمريكية على الأراضي الباكستانية وكان يتقاضى أموالا طائلة منها حيث كان يحصل شخصيا على كل حملة تطعيم يقوم بها بحوالي ١٠٠ الف (مائة الف) دولار أمريكي.
أودعت السلطات الباكستانية الدكتور شاكيل السجن بتهمة إهانة الأراضي الباكستانية والعمل الاستخباراتي لجهة أجنبية وحكمت عليه بالسجن بعدد سنين عمره أي 50 سنة لكن السلطات الأمريكية الرسمية مارست ضغوطا كبيرة على الحكومة الباكستانية لتخفيف الحكم على شاكيل إلى ١٠ سنوات ولبعمل على تحسين ظروف اعتقاله.

10 أبريل، 2018

جنوسة - جندرية

 

تعرف الجنوسة (Gender)  (الجندرّية) على أنها كينونة الأنسان "الأجتماعية" من حيث كونه يؤدي وظيفة (ذكورية) أو (أنثوية)   في مجتمعه ومحيطه.
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أنه لاحظ في خلال  25 سنة الماضية تحولات كثيرة في مفاهيم  ألفاظ  الجندرّية (الجنوسة) في العالم وذلك من خلال رصده للتغيرّات اللغوية المرتبطة بها. قلت أنه في بدايات التسعينيات لاحظت تغيرات في المصطلحات التي بقيت عقودا تحمل الجندرّية الذكورية وحكرا لها والتي يكون لاحقة (man) في آخرها من قبيل : الرئيس (Chairman) ، رجل الشرطة (Policeman)  ، ساعي البريد  (postman) ، المتحدث (spokesman) ،التاجر (tradesman) ، قلت أن ما أوردته من الفاظ أنما هي غيض من فيض وأنما سقتها للتدليل هلى هيمنة الجندّرية الذكورية.
وفي بداية التسعينات بدأت الجندرية الأنثوية بالزحف على هذه الألفاظ على الأقل بأسقاط الخصوصية الذكورية لها من خلال أسقاط لاحقة (man) وأستبدالها بلاحقة (person) لأن الوظائف السابقة أقتحمتها الأنثى في بلاد الغرب حيث القانون الذي يساوي بينها وبين الرجل في المناصب والوظائف  وحيث بدأت المرأة برفض أن تكون للوظيفة التي تشغلها (هي) صفة جندرّية ذكورية. 
وعليه فقد تغيّرت الألفاظ حتى في المعاجم  الحديثة لتكون على النحو التالي :
(Chairman) ......Chairperson
(Policeman) ....... Police-officer
(postman) ....... postperson
(spokesman)....... spokesperson
(tradesman)...... tradesperson  

فتبصر يارعاك الله 

06 مارس، 2018

المحرقة وحماية الدم

المعروف أن المحرقة * وتسمى (الهولوكوست) التي قام بها النظام النازي الهتلري وعلى نحو منهجي ومدروس كان لها هدف محدد وهو تنقية (العرق الآري)* والحفاظ على تفوقه على بقية الأعراق البشرية الأخرى ولقد أستمرت منهجية التصفية بل وأشتدت ولم يمنعها نشوب الحرب العالمية بل أن وتيرتها زادت وبشكل ملحوظ.
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن الكثير من فلاسفة الجرمان (الألمان) قد أدركوا ومنذ زمن بعيد أن العرق الآري "النقي" آخذ في الأنحدار والتدني خصوصا بعدما أختلط بالعرق اليهودي حيث أدى ذلك التزاوج والذي أستمر لعدة عقود بين العرقين إلى ظهور سلالات بشرية متدنية "دون البشر"حيث تكثر فيهم العاهات والأمراض الوراثية والأختلالات العقلية والتي لم تكن موجودة على ذلك النحو في السلف الجرماني الأول والنقي وعليه فقد سن المشرع الألماني قانونا عام 1936 سمي بقانون "حماية الدم" * والذي يهدف الى فصل الدم الجرماني عن الدم اليهودي"

 يقول  العطيات أن مخيمات التجميع (غيتو) تم أعدادها لجمع أكبر عدد من "غير أنقياء الدم" ممن لوثوا العرق الآري وحيث أنتشرت في شوارع روسيا والمانيا وفي بولندا لاحقا بعد أحتلالها مجموعات من الأطباء يجولون وينظرون في المارة ويتفرسون في وجوههم وسحناتهم ومن يشكون فيه أنه ليس بنقي العرق يذهبون به إلى مخيمات التجميع.

هناك قرى كانت تؤخذ بأكملها وهي القرى التي يسكنها أو يرتادها مجموعات الغجر وهناك قرى محددة في بولندا تم جمع جميع سكانها والدفع بهم لمخيمات التجميع (غيتو) والتي أمتدت بطول ألمانيا وعرضها شمل التجميع والترحيل عدد هائل من اليهود ولأن اليهود يقيمون في روسيا والمانيا في تجمعات سكنية (أحياء يهودية)  خاصة بهم فقد سهل ذلك على الألمان النازيين سهولة الوصول أليهم  ومن ثم الترحيل الجماعي لهذه الأحياء اليهودية 

يقول العطيات ويؤكد أن المحرقة لم تكن لتخص العرق اليهودي كعرق مستهدف وأنما شمل أعراق أخرى كما يؤكد العطيات أنه لا يوجد أحصائيات دقيقة عن عدد البشر الذين ذهبو ضحية الهولوكوست النازي ولكن الأحصائية التالية شبه متفق عليها في الكثير من المراجع :
* 8 مليون مواطن روسي (مشتبه بأنه متلوث بعرق آخر)
* 4 مليون يهودي (معظمهم  في المانيا)
* 2 مليون غجري
* 2 مليون بولندي
* 2 مليون من أسرى الحرب عند الروس
* نصف مليون من المعاقين والمختلين عقليا


تنويهات ومراجع :
* المحرقة : هناك لبس شديد في حقيقة ما كان يجري في الغيتو وهي لفظة تطلق على التجميعات البشرية التي قام بها الألمان   والحقيقة ان الألمان لم يحرقوا المعتقلين احياء وإنما يجعلونهم عرضة للمجاعة ومن مات منهم يحرقون جثته في محارق داخل المخيمات وكان يحرق العشرات من الموتى اما الشباب الأقوياء فيؤخذون للمصانع وخدمة الجيش النازي

* العرق الآري : عرق بشري معروف ، تميز عن غيره من الأعراق البشرية بالتفوق الذهني والذكاء والنبوغ وأليه يرجع الفضل بالكثير من المخترعات (السيارة-الكهرباء-الهاتف) والتي دشنت بدايات القرن التاسع عشر والتي غيرت حياة الأنسان وهذا العرق ينتشر في روسيا والمانيا وبعض أجزاء من أوربا وإيران (بلاد فارس)

* قانون حماية الدم كما ورد  في : Yellow star  (النجمة الصفراء) صفحة رقم 17 وما بعدها -لا توجد ترجمة عربية
المؤلف أخذ الأسم من القانون الذي أمر به الملك كريستان العاشر ملك الدينمارك حيث أمر القانون يهود الدنمارك بخياطة قطعة تحمل (نجمة صفراء) على ثيابهم ليعرفوا بها. والنجمة في التراث اليهودي ترمز إلى نجمة الملك داوود

10 فبراير، 2018

مرور 100 عام على أخطر أنفلونزا في تاريخ البشرية .....هل يعيد التاريخ نفسه؟

أنها "الأنفلونزا الأسبانية" والتي بدأت في الانتشار في عام 1918 ميلادي
يقدر أنها أصابت ثلث سكان الكرة الأرضية (سكان الأرض كان بحدود 1.7 مليار نسمة)
بلغت الوفيات منها حوالي 20 مليونا وبعض المصادر تذكر مابين 50-75 مليون أنسان 
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي وهو يتذكر هذه الكارثة الوبائية الرهيبة أنه وحتى كتابة هذه السطور (فبراير 2018) لا يزال الكثير عن ملابساتها مجهولا وخصوصا ما يتعلق بجوانبها الطبية-الوبائية . قلت ولعل أفضل ما كتب عنها ووثق لها من جوانبها التاريخية هو كتاب "جائحة أمريكا المنسية - أنفلونزا 1918" لمؤلفه الفرد كروسبي* أستاذ التاريخ والجغرافيا في جامعة تكساس -أوستن والذي نشر عام 1974 وأعيد نشره في طبعة ثانية عام 2004
مقدمة علمية ضرورية:
هناك 3 أصناف رئيسية من الأنفلونزا صنفت حسب الأبجدية الأنجليزية (A) ، (B) ، (C).
صنفا (B) و (C) يصيبان البشر فقط وحيث لم تسجل أصابات بين الحيوانات أو الطيور أو الأحياء البحرية. لكن الأنفلونزا من صنف (A) تصيب الأنسان والحيوانات (خنازير وخيول وثديات أخرى) والأحياء البحرية (دلافين) والطيور (دواجن وبط) قلت وحيث يعمل البط تحديدا كخزان طبيعي لجميع سلالات الأنفلونزا (A) مما يعني أن الفيروس يصيب أمعاء الطائر دون التسبب له في أعراض لكن الطيور البرية اذا التقطت الفيروس فأنها وبمرور الوقت تسمح بتبادل المواد الوراثية للفيروس مما ينتج عنه سلالات من الفيروس قادرة على الأنتشار بين الثديات الداجنة والطيور المنزلية وحتى الأحياء البحرية .قلت ولاجدال أن جميع الأوبئة والجوائح العالمية خلال 100 عام الماضية كانت بسبب الأنفلونزا من صنف (A)
قلت أن البنية الوراثية (الجينومية) لفيروس الأنفلونزا A و دورة الحياة داخل الخلايا الحية تسمح له بالتطور وتبادل الجينات بسهولة والمعروف أن المادة الوراثية للفيروس تتكون من 8 أجزاء منفصلة من الحمض النووي الريبي RNA (رنا) وسمي نووي لأنه في نواة الفيروس يغلفه غشاء دهني وفي ذلك الغشاء تتوضع جزئيات بروتينية. ولكي يتكاثر الفيروس فأن عليه الأرتباط أولا بالخلية الحية حتى يتمكن من أقتحامها وحيث يسيطرعليها سيطرة كاملة ويدفعها إلى تصنيع نسخ إضافية من أجزاءه الثمانية ثم تجمع هذه القطع نفسها في فيروسات جديدة تنفذ من الخلية المصابة، لتنتقل إلى خلايا أخرى سليمة. ولأن أنتاج نسخ كثيرة من الحمض النووي للفيروس لا يخضع لآلية التدقيق والتحقق التي تضمن دقة نسخ RNA كما هو الحال في الخلايا السليمة فإن الأخطاء التي تؤدي إلى طفرات جديدة تكون كثيرة وشائعة في النسخ الفيروسية الجديدة . والأكثر من ذلك أنه إذا أصابت سلالتان مختلفتان من فيروسات الإنفلونزا الخلية نفسها ، يمكن أن تختلط شرائح الحمض النووي الريبي الخاصة بها بحرية هناك ، وتنتج فيروسات جديدة تحتوي على مزيج من الجينات من كلا الفيروسين الأصليين. كما أن "أعادة ترتيب" وصلات الفيروس الواحد وهي 8 أجزاء ينتج عنها ظهور سلالات جديدة ومتنوعة.
دخول فيروس الأنفلونزا وخروجه من الخلايا:
يتم تحديد فيروسات الإنفلونزا المنتشرة من الصنف (A) من خلال الإشارة إلى بروتينين مميزين على أسطحهما. أحدهما هو بروتين "التراص الدموي" وهو بروتين يتسبب في تراص كريات الدم الحمراء hemagglutinin وحتى الأن تم أكتشاف 15 نوعا من بروتين التراص الدموي في فيروس الأنفلونزا من صنف (A) ويرمز له مختصرا بحرف الهاء (H) والأسم الآخر لبروتين التراص الدموي هو "الأنزيم الحال لحمض اللعاب" (sialidase) وظيفته أحداث الألتصاق بالخلايا التي تحوي على سطحها كمية كبيرة من حمض اللعاب Sialic acid كما هو الحال في خلايا الجهاز التنفسي والجهازالهضمي (ثديات وطيور) وخلايا الجهاز العصبي ومن ثم تكسير حمض اللعاب (عن طريق هضمه) ليتمكن من الدخول فيها.قلت ان هذا البروتين تحديدا هو الذي يثير جهاز المناعة ومعظم لقاحات الأنفلونزا الموسمية تستهدف هذا البروتين
أما البروتين المميز الآخر فهو بروتين "نيروأمينديز" وهو بروتين فيه كمية كبيرة من السكر وهو ينتمي إلى طائفة المحللات (انزيمات) وأكتشف قبل نحو 80 عاما في اللعاب حيث سمي حينها بأنزيم اللعاب (سيلاديز) قلت وهو لا يعدو كونه حمض اللعاب Sialic acid) ولاحقا وجد في أنسجة الدماغ ومنها أخذ التسمية نيروأمينديز neuraminidase وتبين لاحقا أن هذا البروتين السكري موجود أيضا على سطح فيروس الانفلونزا حيث يعمل كمستقبل ويمكن الفيروس من الخروج من الخلايا المصابة ومن ثم البحث عن

خلايا سليمة قلت ويوجد حتى كتابة هذه السطور 9 أنواع منه ويرمز له مختصرا بحرف النون (N) وعليه فعند وصف سلالة من فيروس الانفلونزا من الصنف (A) فلا بد من التخصيص بأضافة رقم بروتين التراص الدموي (H) الخاص بهذه السلالة ومعه رقم بروتين النيروأمنيديز (N) ليعطى الأسم العلمي كاملا لتمييزها عن السلالات الأخرى لنفس الفيروس وعليه فإن سلالة الانفلونزا من صنف (A) والتي أجتاحت العالم 1918 أطلق عليها أسم "H1N1" . وفي عام 1968 ظهرت جائحة أنفلونزا من صنف (A) وتم تسميتها H3N2
بداية وباء الأنفلونزا الاسبانية (أصبح في أشهر قليلة جائحة عالمية):
من الثابت تاريخيا أن أول حالات الانفلونزا الاسبانية القاتلة سجلت في مقاطعة هاسكل في الغرب من ولاية كنساس الأمريكية حيث كانت تقيم هناك ثكنة عسكرية أمريكية في مخيم لتدريب الجنود لنقلهم لسلحات الحرب ووصف الدكتور لرونج ماينر عشرات الجنود يتساقطون سريعا في أنفلونزا شديدة وخاطفة وصفها بانها (أنفلونزا الثلاثة أيام) هكذا وصفها الدكتور ماينر وشدد أن ضحايها هم من الجنود "الشباب" وبالرغم من تبليغه الفوري للسلطات الصحية المحلية الا أنها تجاهلت تقريره!!.

كان لزاما أن يتحرك جنود هذه الثكنة الصغيرة إلى مخيم (فونستن) الشهير في ولاية كنساس والذي ضم قرابة 50 ألف جندي أمريكي أستعدادا للرحيل لمساعدة حلفاء الحرب (فرنسا وبريطانيا) لدعم صمودهما ضد القوات النازية بقيادة هتلر.ولا شك أن ظروف مخيم فونستن لم تكن ظروفا ملائمة حيث شهد المخيم تكدسا كبيرا للجنود الأمر الذي عجل بأتساع وسرعة أنتشار الأنفلونزا حيث تفشت في جميع معسكرات تدريب الجيش الأمريكي الضخمة وفي شهر واحد (معسكر ديفينز ، معسكر أبتون ، معسكر جرانت ،معسكر كودي ، مخيم فريمونت وصولا إلى مخيم لويس في واشنطن). وسنعلم لاحقا أن قرابة مليون وربع مليون جندي أمريكي عبرو بالبواخر الضخمة لدول الحلفاء ساهموا بنشر رقعة الوباء الذي لم يشهد التاريخ البشري بمثله.

يقول العطيات وبالرغم من تساقط ألوف الجنود صرعى في تلك المعسكرات والمخيمات العسكرية بسبب أنفلونزا سريعة خاطفة وقاتلة الا أن التعتيم كان ديدن القائمين عليها.
بعدما وضعت الحرب أوزارها تم الكشف عن عدد الوفيات من أنفلونزا الاسبانية في أمريكا وكانت الصدمة حيث بلغ عدد المتوفين 650 ألف أمريكي معظمهم من الجنود وماتوا قبل أن يصلوا إلى ميادين المعارك.
وصف الأنفلونزا من مظاهرها السريرية:
كانت الأنفلونزا الأسبانية شديدة للغاية ففي خلال 3 أيام تظهر أعراض الأنفلونزا الحادة من ارتفاع في درجة الحرارة مع سعال وسيلان أنفي والشعور بتعب عام وأعياء وبعد عدة أيام يبدأ الشعور بالتحسن التدريجي.
كانت الانفلونزا الاسبانية شديدة جدا بل وقاتلة في الفئة العمرية الشابة ( بين 15-35 سنة) وهذا بخلاف المعهود عن الانفلونزا الموسمية التي تتأثر بها كثيرا فئات اقطاب العمر (أعني بهما الأطفال والمسنين) ولعل من نافلة القول أن أول حالة أصابة بهذه الانلفونزا كانت لجندي أمريكي ظهرت عليه حمى شديدة وأعراض التهاب السحايا الحاد في غياب تام لأعراض الانفلونزا السالفة الذكر.


الموجودات التشريحية في المتوفين من الأنفلونزا الاسبانية:
قام الأطباء بفحص مئات الألوف من أجساد المتوفين من الأنفلونزا الأسبانية بحثا عن السبب الحقيقي للوفيات والتي جاءت في معظمها أنها كانت بسبب ألتهابات بكتيرية ثانوية أهما المكورات العنقودية المقيحة و المكورات العنقودية الذهبية والمستدمية النزلية قلت وهذه بكتريا تسبب التهابات رئوية تمهد الطريق لأحداها الاصابة القريبة بالأنفلونزا الموسمية حيث يتطور حال المريض ويسوء فبدلا من التعافي مما ظهر وكأنه نزلة زكام عادية إلى التهاب رئوي خطير يتسبب في الوفاة.
نسبة معتبرة من الوفيات لم تكن بسبب الألتهابات البكتيرية "المتوقعة" وانما بسبب نزوفات وتخثرات أصابت الرئة والشعب الهوائية وصولا للقصبة الهوائية أو بسبب أحتقان بالسوائل في الرئة (وذمة رئوية) وكان ذلك محصورا على الجهاز التنفسي .قلت وهذا لا يكون الا بسبب "فيروس رئوي".
وصف الأنفلونزا من سيرورتها الوبائية:
من الثابت أن الانفلونزا الاسبانية ظهرت على نحو فجائي في شتاء 1918 ولم يسبقها بعام أو حتى أعوام ما يمكن أن نسمية أنفلونزا موسمية "غير عادية" ومما ميز هذه الأنفلونزا أنه تنتشر بسرعة كسرعة أنتشار النار في الهشيم وبالرغم من القول أنها كانت تنتقل عن طريق الرذاذ المتطاير من الشخص المصاب (القطيرات الصغيرة) (droplets) الا أن سرعة أنتشارها يؤكد لي أنها كانت تنقل بالهواء (airborne)
السبب الحقيقي خلف الأنفلونزا الأسبانية -فيروس أم بكتريا:
حينما أنتشر الوباء أخذ الاطباء يبحثون عن سببه فمن قال بأن المسبب هو فيروس متحور من فيروسات الأنفلونزا الموسمية ورجح بعضهم أن المسبب لها بكتريالم تعرف بعد.
التتبع الوراثي الجيني لمسبب الأنفلونزا الاسبانية:
لحسن الحظ فان عددا لا بأس به من أنسجة رئوية لمرضى توفوا من الأنفلونزا الأسبانية لا تزال محفوظة في بعض المختبرات الطبية الأمريكية التابعة للمتحف العسكري الامريكي والذي يضم قرابة 3 مليون عينة لأمراض شتى كما أن قبورا لبعض من توفوا بسببها وخصوصا من الجنود الأمريكيين معلومة بل ونبش بعضها للحصول على بعض الرفات لأجراء تحاليل وراثية (جينية) وبدأ مشروع البحث عن سبب الأنفلونزاوالذي أمضى قرابة 9 أعوام من التقصي الوراثي حيث أستطاعت الباحثة الأمريكية (آن ريد)* وزملائها وبعد فحص قرابة 80 عينية رئوية من عزل اجزاء من فيروس انفلونزا 1918 تبين أنه ينتمي لأنفلونزا صنف (A) وأنه من سلالة (H1N1) وهي سلالة مطابقة جينيا للسلالة التي تصيب الخنازير (Swine) A/Sw/Iowa/30 لكن المصدر الحيواني (ثديات أو طيور) لتلك السلالة القاتلة ظل مجهولا وحتى كتابتي لهذه السطور.

هل كانت الأنفلونزا الأسبانية سلاحا "حيويا" جربته المانيا ضد الحلفاء؟
بالنسبة لي فهذه فرضية قائمة حتى يتم دحضها بالدليل القاطع والبرهان الساطع لعدة ملاحظات في سيرورة جائحة الأنلفونزا الأسبانية:
* أن أول الحالات واكثرها سجلت في أكبر ثكنة عسكرية لجمع الجنود من كافة أمريكا
* ظهور الجائحة على نحو فجائي.
* سرعة أنتشارها وسرعة التقاطها. 
* سميت بأنفلونزا الثلاثة أيام ففي خلال 3 أيام تسقط المصاب بها.
* لم يسبقها انفلونزا موسمية "غير أعتيادية"
* كل المعطيات المتوفرة لدي تدل على أنها كانت تنتقل بواسطة "الهواء" الملوث (airborne) وليس من خلال سحابة الرذاذ العالقة (القطيرات الصغيرة) (droplets) أو الأسطح الملوثة برذاذ متطاير من الشخص المريض. 
====================================
هوامش ومراجع :
 *سميت بالأنفلونزا لأسبانية لأن أسبانيا لم تكن طرفا في الحرب العالمية الأولى وعليه لم تخضع الصحف الأسبانية للرقابة فكانت تنشر تقارير متواترة عن حال الوباء وعدد الوفيات منه في حين منعت دول حلفاء الحرب (أمريكا و بريطانيا و فرنسا) صحفها عن نشر الوفيات منها مخافة التأثير في نفوس الجنود وأسرهم والرأي العام.
* الأستاذ (الفرد كروسبي) هو استاذ التاريخ والجغرافيا في جامعة تكساس -أوستن وهو استاذ متخصص في الدراسات الامريكية وصدر له عدة مؤلفات لعل أبرزها
رمي النار (كامبرج 2002) ، قياس الحقيقة (كامبرج 1997) ، الاستعمار المناخي (كامبرج 1986)
 
*الباحثة (آن ريد) هي من قسم علم الأمراض الجزيئية ، قسم علم الأمراض الخلوية ، معهد علم الأمراض القوات المسلحة الأمريكية -واشنطن.


* Reid AH, Fanning TG, Janczewski TA, Lourens RM, Taubenberger JK. Novel origin of the 1918 pandemic influenza virus nucleoprotein gene. J Virol 2004;78:12462–12470.

*Reid AH, Taubenberger JK, Fanning TG. Evidence of an absence: the genetic origins of the 1918 pandemic influenza virus. Nat Rev Microbiol 2004;2:909–914.