23 سبتمبر، 2019

الخطيئة والطوفان

يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن تواصل أهل السماء (الملائكة)  بأهل الأرض (البشر) ليس مفهوما جديدا كما حاول (سيتشين) تقديمه في كتابيه (بداية الوقت) و (الكوكب الثاني عشر) حيث نجد لذلك المفهوم ذكرا صريحا في النصوص التوراتية.

زخريا سيتشين هو باحث أمريكي من أصول روسية وبخلفيته الدينية اليهودية قرأ كتاب العهد التوراتي القديم وفي كتابه الكوكب الثاني عشر الذي نشره عام 1978 ذكر سيتشين أن مخلوقات سماوية (انانكي) كانت تقيم على الكوكب الثاني عشر واسمه (نيبيرو) أنطلقت للبحث عن الذهب لحاجة كوكبهم الماسة له ولقد مروا بكوكب الأرض فوجدوه لكن التنقيب عنه واستخراجه كان شاقا بالنسبة لهم بسبب طبيعة أجسادهم فما كان منهم الا أن أخبروا (ننتي) وكان لديها مختبرا فقامت بحقن الحمض النووي لأحد النانكي في بويضة اخذتها من أنثى القرد (تشبه البشر) وأخذت (ننتي) تعيد التجربة مرة تلو أخرى حتى ولد الأنسان المنتصب ثم قامت بخلق أنثى له لضمان تكاثرهم . في باديء الأمر تم أنزالهما في جنوب أفريقيا حيث بدأ (آدمو) (آدمي) بالتنقيب عن الذهب وجمعه كما أنه ولد له أولاد أخذوا في مساعدته في التنقيب عن الذهب وجمعه فكانوا كالعبيد للأناكي وبعد سنوات طويله علم به أله سماوي هو (أنليل) فغضب عليه وطرده وذريته لكن الربة (أيا) أخذتهم إلى منطقة (ارديكو) بين نهري دجلة والفرات وكان بقربها (جنة عدن) وكانت جنة مخصصة للألهة .استمر (آدمو) في عملية استخراج الذهب لصالح الأنانكي وفي أحد الأيام دخل تلك الجنة وتناول (آدمو) ثمرة من ثمارها وكانت “ثمرة المعرفة” فما كان من الأله “أنليل” الا أن غضب عليهم وطردهم لكن (آدمو) وأبنه الأكبر (قيين) (قابيل) وبناتهم أستطاعوا بالمعرفة التي أمتلكوها من تدبير أمرهم بصناعة أدوات الصيد وأحتراف الزراعة  وبناء البيوت وبمرور الوقت تزوج أبناء الألهة من بنات قايين (قابيل) وأخذو في التكاثر السريع الأمر الذي اعتبره الأله (أنليل) تدنيسا لطهارة الألهة فقرر الخلاص من النسل الهجين من خلال تغيير المناخ ليكون جليدا ضخما يعم الأرض لكن الربة (أيا) ساعدتهم وأنقذتهم من خلال هدايتهم لأكل السمك ( كما يفعل الأسكيمو اليوم) وبقوا على  هذه الحالة خلال فترة العصر الجليدي الذي استمر 75000 سنة ومات منهم خلق كثير لكن بعضهم بقوا أحياء وحينما فشلت خطة أنليل فكر بطريقة أخرى وهي أن يرفع للسماء الملائكة المطرودين ثم يغرق الأرض ولقد أدرك الأنانكي واثناء مرور مركبتهم بالأرض أن كتلة جليد ضخمة جدا ستندفع قريبا نحو المحيط الأمر الذي سيحدث موجة ضخمة من المياه تغرق الأرض فأخبرت الربة (أيا) زيسوثروس بخطة أنليل الرهيبة واخبرته كيف يصنع سفينة فأخذ على الفور ببناء سفينة ضخمة جدا لأنقاذ البشر والحيوانات.

قلت أن الخلفية الدينية اليهودية لزخريا سيتشن جعلته يقتنص الفكرة التوراتية و يقدمها بأسماء جديدة ترد فيها الأسماء السومرية عوضا عن الأسماء التوراتية.
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أنه و بحسب الرواية التوراتية للعهد القديم فأن (قايين)  (أي قابيل) كان بشرا من ذرية آدم وكان لا ينجب الا أناثا جمعن بين الرذيلة والشر والجمال البديع أما (شيث) فكان في مصاف الألهة وكان له أبناءا ذكورا وتصفهم التوراة بأنهم كانوا  من “أبناء الله” وأبناء الله كناية توراتية عن الملائكة لكنهم طردوا من السماء وأهبطوا إلى الأرض وتجسدوا بشرا ويأتي ذكرهم في التوراة على نحو (نفليم) وأسكنوا في (جنة عدن) والتي كانت ما بين نهري دجلة والفرات وكانت قريبة من مسكن قايين وبناته وبمرور الوقت أختلط أبناء الله  (الملائكة المتجسدين) ببنات قايين فولدت سلالة هجينة فيها ضخامة في الأجسام وجمعت كل الشرور فما كان من (الَوَهِيم)  الا أن يقضي على ذلك النسل الشرير والفاسد قضاءا مبرما وكاملا عن طريق الأغراق وليبدأ مع (نوح) نسلا جديدا طاهرا أما من هلك فتحولت أرواحهم إلى شياطين.

لكن للسومريين رواية أخرى لواقعة الطوفان فالألواح التي عثر عليها في عام  1871 والمكتوبة بالخط السومري القديم بحوالي 3500 عام قبل الميلاد نجد فيها أن  قرار الطوفان تداولته الألهة السماوية حيث جمعهم (آنكي) والذي قال بأن البشر والحيوانات تسبب لهم أزعاجا مستمرا وأنهم يتكاثرون بسرعة فلا بد من هلاكهم وأن الوسيلة الناجعة هي بالأغراق لكن أحد هذه الألهة وهو (آنليل) أفشى قرار الألهة كهيئة (حلم منامي) إلى الملك السومري زيسوثروس والذي هب من منامه وأمر على الفور ببناء سفينة ضخمة طولها مثل عرضها قيل أنها كانت كجسر عائم ضخم بين ضفتي النهر  وكان عليه أن يختار عددا من أخلص الناس أليه بالأضافة إلى عدد من الحيوانات والطيور وأن يتزود بمؤنة تكفيهم لسنة كاملة (السنة السومرية تساوي 41 يوما بحسب حسابات الدكتور العطيات) ليبدأ هطول الأمطار الغزيرة لستة أيام و ستة ليال وبعد توقف المطر يظهر أله الشمس منذرا ببداية جديدة عندها يطلق الملك حمامة ما لبثت أن عادت له بغصن من شجرة زيتون ولما أستوت السفينة على جبل نِزير (نصير) وهو جبل بين الدجلة والزاب الأسفل نزل هو وبقية الحيونات وقام على الفور بذبح عجلا قربانا للألة (أنليل) فرد عليه (آنليل) بأن حمله إلى دلمون -جنة الخالدين (قلت دلمون هي البحرين الحالية