09 مارس، 2014

االادارة..... بين بيضة القبان و القيادة الآمنة

كوني طبيب جعلني اراقب ومنذ سنوات طويلة مشهدنا الصحي.


ومما أدركته أن بعضا من المستشفيات والمنشئات الصحية خرجت عن الطريق لتدخل نفسها في نفق أوله نور وأخره ظلام دامس.


فهذه المستشفيات وبعضها منشئات طبية مرجعية عملاقة سمحت بنشوء حالة "بيضة القبان" وأعني به مديرا طبيا كان أو أداريا وضعت فيه كامل ثقتها ومنحته دعمها اللامحدود واعطته أو أعطى لنفسه صلاحيات -تكون لاحقة- تؤدي إلى الحاق الضرر بالمنشأة على المدى الطويل.


بل أنه وفي بعضها نجد مراكز واقسام طبية وأداريه أوكل أمرها لأفراد حتى تحولت وبمرور الوقت الى ما يشبه الممتلكات الشخصية لذلك المدير أو ذاك الطبيب ، يدخل فيها من يشاء ويمنعها عمن يشاء.


وقد يكون ذاك المدير او الطبيب هو بالفعل أهلا لها ومشهود له بالكفاءة لكن ذلك كله بالنسبة لي لا يغني عن الحق شيئا.


فالحق هو أن تقوم المستشفيات وادارتها ببناء أنظمة ادارية جيدة تضع حلولا للمشاكل المحتملة وبذلك من يسير الادارة هو وجود "الأنظمة" وليس "الأفراد" والذين يكون دورهم هو دور القيم عليها والمنفذ لها.


قلت ولعل ذلك كان ديدن الدكتور جون فراير وعبقري الأعمال الأمريكي جاك ميزي حينما وضعا سوية الأنظمة الطبية والأساسية لمستشفى الملك فيصل التخصصي فلم يتركا شاردة ولا واردة والأثنان من شركة المستشفيات الأمريكية
 Hospital Corporation of America


فجون فراير كان أول مدير تنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي فقد حرصا على أنه وحتى بعد انتهاء عقد بناء وتشغيل المستشفى  ولمدة عشر سنوات (1975-1985) فأن مقود الادارة سيتم تسليمها في نهاية العقد الى ادارة محلية وأن أداء الادارة العام سيبقى جيدا ولن تتأثر سلبا بدرجة كفاءة من يقودها. قلت ولعل هذا هو مفهوم "القيادة الآمنة" 

وبالفعل أستمر مستشفى الملك فيصل التخصصي بجودته ولعل من المفيد ذكره أن معالي الدكتور فهد العبدالجبار والذي غادر قسم النساء والولادة بكلية الطب بجامعة الملك سعود ليتولى إدارة التعليم الطبي في التخصصي عام 1983 ثم وجد طريقه في سلم الادارة التنفيذية وصولا الى منصب المدير العام التنفيذي للتخصصي في الفترة ما بين (1985-1993) قلت أن معاليه عاصر السنوات الأخيرة لشركة المستشفيات الأمريكية وكان منفذا أمينا للسياسات والأجراءات  Policies and procedures  التي وضعها الدكتور جون فراير وأنه لم يتجاوز على جوهرها واطرها العامة. ويقول الدكتور العطيات أن معاليه نقل خبرته هذه لاحقا إلى الشؤون الصحية بالحرس الوطني حينما كان معاليه المدير العام التنفيذي لها في الفترة ما بين (2003-1994) فأحدث بذلك تحولا نوعيا في الشؤون الصحية بالحرس الوطني.  


قلت أن ذلك المفهوم الاداري  "القيادة الآمنة" والذي تحول وعلى مدى 4 عقود إلى ما يعرف اليوم في علم الادارة الحديث بمفهوم "الطيار الآلي" ، ذلك الطيار والذي يطير بألوف الطائرات كل يوم وبكل أمن وسلاسة وسلامة بل ان الكوارث الجوية الرهيبة حصلت حينما يتم التحول من "الطيار الآلي" الى "الطيار البشري".

أقول أنه اذا ربطت الادارات مصيرها ونجاحاتها بوجود "افراد" جيدين وليس بوجود "أنظمة" جيدة فان هذه الادارات قد تحقق نجاحات جيدة و لسنوات ولكن التراجع يكون مصيرها بخروج هؤلاء الأفراد من المشهد الإداري.


مثل تلك الادارات والتي اسميها "ادارة بيضة القبان" ولانها في الواقع الملموس ربطت مصائرها بافراد وهولاء الافراد حتى وان كانوا متميزين في أدائهم ، بمرور الوقت تصبح هذه الادارات أسيرة بأيديهم وقد يمارسون على اداراتهم العليا وحتى وزاراتهم بما اسميه "الابتزاز الخفي" فهم يوحون لهم ولمن حولهم ان وجودهم هو سر نجاح الإدارة والباعث لاستمرارها وان خروجهم ينذر بتعثر الإدارة وربما انهيارها.

السوء حقيقة لا يقف عند هذا بل يتعداه ليعكس صورة سلبية وقاتمة عن هذه الإدارات تؤدي إلى أحجام المتميزين سواء كانوا أطباء او اداريين عن الانضمام لهذا النوع من الادارات خوفا من سطوة وتحكم مدراءها المطلق.


وهكذا نوع من الادارات وبمرور الوقت يؤدي حتما الى مفاسد كثيرة منها إشاعة الشحناء والبغضاء بين افرادها وبالتالي تكون بيئة طاردة وغير صحية وقد يؤدي الى شيئا من الفساد المالي وحتى الأخلاقي وبدرجات متفاوتة.


أن تدوير المناصب الطبية والإدارية وخصوصا في مستوياتها المتوسطة والدنيا وفي ظل "أنظمة" جيدة هو الحل الجذري للقضاء على ظاهرة "بيضة القبان" لأن الجميع يتولون القيادة وبشكل تراتبي لأربع سنوات مثلا ثم يأتي الآخر وهكذا مما يشيع جوا جيدا من الألفة ويشعر الجميع بأهميتهم وأنهم -جميعا-على قدم المساواة .

وأسلوب تدوير المناصب هو أسلوب متبع في مستشفيات رائدة وحققت من خلاله بيئة جاذبة للمدراء والأطباء المتميزين مما انعكس على جودة الأداء.

18 فبراير، 2014

اوشو


يكتب بالعربية ويلفظ على نحو (اوشو) وهو من الأسم الياباني (اوس هووويرسم الأسم في اللغة اليابانية على نحو (أنظر الرُسيمة المرفقة أعلاه) وهو أيضا كما يرد في اللغة الصينية (هه شانغ) وتعني الناسك (الراهب) الذي وصل الى أعلى درجات الرهبة (التنسك) البوديه أي درجة (التنوير) وهي مرتبة عالية ورفيعة في الديانة البودية 
والمعروف أن الصين تأثرت بالديانات الهندية من قديم الازمان والأسم الصيني (هه شانغ) هو المقابل للأسم الهندي ويلفظ بالسنسكريتية على نحو (اپادهايايا) والذي يعني الراهب الرئيس (المعلم) بما للأسم من دلالات السمو والرفعة.وعليه فليس غريبا أن يكون الراهب الهندي القورو (بغوان رانجيش) أشهر (اوشو) أي الراهب الرئيس (المعلم) في العالم حتى وفاته عام 1990 عن عمر يناهز 55 .  ولكي يصل الراهب البودي المبتدئ  إلى درجة (اوشو) عليه القيام بطقوس الـ(چهانا) الهندية وتعني (الأستغراق الذهني) الشديد وشبه الأنعزال عن هذا الكون ويمر الراهب البودي في 4 مراحل قبل الوصول إلى درجة (اوشو) ، لعل  آخرها هي درجة (التنور) وهي مرحلة رفع التكليف وتنص أن "يتحرر الراهب (الاوشو) من كل القيود وله فعل أي شيء متى يريد وكيفما يريد" ، ويعتقد الدكتور محسن العطيات أن  (بغوان رانجيش) وصل إلى هذه المرحلة (التنوير) حينما أدرك 30 من عمره. 

الهجرة إلى أمريكا ثم طرده منها: 
يقول الدكتور محسن العطيات أنه في عام 1980 هاجر رانجيش الى الولايات المتحدة واستقر به المقام في ولاية  اوريجون الأمريكية حيث اشترى مزرعة كلفته حوالي 5 مليون دولار أمريكي وصار له في أمريكا وأمريكا الشمالية أتباع كثر ، وفي عام 1985 ارتابت الحكومة الأمريكية من سلوك رانجيش واتباعه وأتهمت بعضا منهم بجرائم كثيرة وتم سجن (رانجيش) لعدة أشهر ومن ثم طرده من أمريكا وحرمانه من العودة اليها لمدة خمسة سنوات ، يعتقد الكثيرون من أتباع (رانجيش) أن أمريكا قامت بتسميمه بالثاليوم أثناء سجنه مما أدى الى قصور شديد في عضلات قلبه فأدى ذلك الى وفاته.

ثروة رانجيش:
خلف (رانجيش) وراءه ثروة هائلة في أمريكا فعدد سيارات الرويس رويس التي كان يملكها الراهب رانجيش 90 سيارة بالأضافة ألى الكثير من الهدايا والساعات الثمينة التي تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات وكان يملك عددا من المتاجر وفندق مكون من 200 غرفة في القسم التجاري.








14 فبراير، 2014

فالنتين (Valentinus)



 القديس فالنتين (Valentinus) (فالنتينوس) هو قديس روماني عاش في القرن الثالث الميلادي  وأشتهر القديس بمحبته الصادقة لجميع البشر وحينما بدأت فترة أضطهاد الديانة المسيحية قبض على القديس فالنتين وسجن وعذب ثم قتل في نهاية الأمر وكان يوم قتله 14 شباط (فبراير) من عام 270 ميلادي ودفن في شمال روما في منطقة فلامينيا وبعض الكنائس الأرثودكسية (العقيدة المستقيمة) تحيي يوم وفاتة في كل عام.

وكان فالنتين القديس الوحيد الذي بارك زواج المسيحي أو المسيحية من غير الديانة المسيحية وهو أمر عابه وأستهجنه عليه الكثير من رجال الدين المسيحيين آنذاك فلم يابه بهم ولقد قام القديس فالنتين ذات يوم بتقطيع قماش أحمر على شكل (قلوب) ومن ثم وزعها على النصارى المضطهدين للتعبير عن محبته لهم وكانه يقول "أن قلبي" معكم بما في القلب الأنساني من رمزية المحبة والمودة ، ولعل هذا هو السبب في أن هدايا يوم المحبة تتخذ شكل (القلوب) .

يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن فترة أضطهاد المسيحيين في الإمبراطورية الرومانية أستمرت لحوالي 300 عام تقريبا ولكن بفترات متقطعة حتى عام 315 ميلادي حينما أعلن الأمبراطوران قسطنطين الأول (أمبراطور روما ) و يسينيوس (أمبراطور البلقان) (مرسوم ميلان) الشهير الذي ينص على التسامح التام مع المسيحيين وأعادة أموالهم وكنائسهم.

ومن الدول العربية المشهورة بأحياء هذا اليوم (يوم المحبة)  الجمهورية (اللبنانية) وفي يوم 14 شباط من كل عام تردد فتياتها  قولهن الشهير  (أذا كنت بتحبها بجد ، هات لها من حارة حريك ورد)  يقول العطيات أن (حارة حريك) كانت من أخطر حارات الضاحية الجنوبية لبيروت أيام الحرب الأهلية اللبنانية وكان على مداخلها قناصة ماهرون يطلقون النار على كل غريب فالداخل فيها مفقود والخارج منها مولود وحتى بات الوصول أليها تعريض حقيقي للنفس للهلاك ، قلت وكأن أحضار الورد للمحبوبة من حارة الهلاك هذه ، بمثابة أختبار حقيقي للحبيب بما للورد وخصوصا (الأحمر) منه لغة خاصة بين المحبين يذكرني ذلك بقول الشاعر اللبناني الرحباني :
لا اقـطف لك وردة (حـمرا) يـا أهـلا وسـهلا بهالعين
لعـيـونك يا هالسمرا لأقــطـف بــدل الــــــوردة اتنين
عالوردة اللي بتحلالك دليني لأقطفهالك
ياخوفي بس عيونك ما توديني بــمَهَالِك
وشوك الـورد بيجرحني واتحمل جــرحي كـرمالك
شـوك الــورد بـيجـرحني وانا واقع بـيـن سـلاحـين






06 فبراير، 2014

البرشه وأم سقيم



وردني سؤال من قارئة كريمة عن منطقة البرشه أو البرشاء التابعة لأمارة دبي تسأل عن أصل الأسم.
أختي السائلة كانت منطقة (البرشه) في ما مضى من بر دبي الجنوبي أما اليوم فهي من المناطق الهامة في أمارة دبي ويبلغ عدد سكان (البرشه) قرابة مليون ونصف وهو مايقارب 50% من سكان أمارة دبي و تحولت إلى مركز تجاري كبير 
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أنه في بدايات الستينيات الميلادية حاول الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم (من آل الفلاسه) - حاكم أمارة دبي بمؤازة وتشجيع من الشيخ زايد أل نهيان (حاكم أبو ظبي) بمحاولة للقضاء على التصحر في بر دبي عن طريق مشروع طموح جدا وهو زراعة النخيل في منطقة صحراوية قاحلة لا تتوفر على مقومات الحياة فما كان منه ألا أن زرع أعدادا كبيرة من النخيل على أن تتولى صهاريج المياة بسقياها وكان يشرف على السقيا بنفسه وماهي أشهر قليلة حتى وجهت الطبيعة الصحراوية ضرباتها الموجعة والمهلكة لنخيل الشيخ راشد فأخذ جريد معظم النخيل بالتبرش (أي يصبح أبيض اللون) ومن ذلك أخذت المنطقة تسميتها  فسميت (برشه) ويلفظها البعض (برشا) و(برشاء).

فائدة جغرافية ذات علاقة:

في بر دبي منطقة قريبة من البرشه تسمى (أم سقيم) وهي منطقة منخفضة نسبيا تقع للغرب من البرشه وفيها كانت تتجتمع بعض المياه الناتجة من سقيا نخيل (البرشه) على شكل مستنقعات صغيرة آسنة مما تسبب في كثرة الأسقام والأمراض. 

الصورة أعلاه الشيخ راشد مع الشيخ زايد قبل قيام الأتحاد
الصورة أدناه للشيخ زايد يسقي النخيل في أمارة أبو ظبي