29 ديسمبر، 2017

الخفاش وكورونا ..... الأنفلونزا القاتلة

في أواخر عام 2002 ضرب العالم فيروس السارس وهو فيروس يسبب ضائقة تنفسية حادة وخطيرة تشبه الالتهاب الرئوي لكنها اشد خطورة وفتكا وكانت انطلاقته من جنوب الصين وتحديدا من مقاطعة قوانغ دونغ .

 وبعد تتبع وجد الباحثون الذين يلاحقون أصل فيروس السارس ما يبحثون عنه في كهف نائي في مقاطعة يونان الصينية حيث حدد علماء الفيروسات مجموعة واحدة من الخفافيش على شكل حدوة حصان تحتوي على سلالات فيروس مع جميع اللبنات الجينية التي قفزت إلى البشر في عام 2002

 أستطاع العلماء من تحديد كنه ذلك الفيروس المميت فوجدوا أنه ينتمي إلى سلالة الفيروسات التاجية ووجدوا أيضا فيروسات متشابهة وراثيا في زباد النخيل المقنع (Paguma larvata) (انظر صورته) وهو حيوان  يكثر بيعه في أسواق الحيوانات في مقاطعة قوانغ دونغ الصينية . وكشفت دراسات لاحقة أعدادًا كبيرة من الفيروسات التاجية المتعلقة بالسارس المنتشرة في خفافيش صينية شكلها مثل حدوة الحصان مما يشير إلى أن السلالة الفتاكة ربما نشأت أولا في الخفافيش ، ثم انتقلت لاحقًا للزباد قبل انتقالها للبشر.

 أن العمل الرائع الذي قام شي زينغ وفريقه من معهد ووهان للفيروسات في الصين وذلك بأخذ عينات من آلاف الخفافيش على شكل حدوة حصان في مواقع في جميع أنحاء الصين يقول "إن العمل الأكثر تحديًا هو تحديد الكهوف ، والتي عادة ما تكون في المناطق النائية ولكننا وبعد عناء عثرنا على أحد الكهوف في يوننان ، جنوب غرب الصين ، حيث بدت سلالات الفيروس التاجي مشابهة لتلك التي تصيب البشر"



ولقد أمضى الباحثون خمس سنوات في مراقبة الخفافيش التي تعيش هناك ، وجمع فضلاتها وأخذ مسحاتوسحب دماء حيث لقد أستطاع الفريق الكشف عن 15 تسلسلا وراثيا (تسلسل جينومي) لفيروسات من الخفافيش ووجدوا أن السلالات ، معًا ، تحتوي على جميع الوصلات الجينية التي تتشكل منها الفيروسات التاجية (فيروسات كورونا) التي تصيب البشر.

 يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن عالم الفيروسات بجامعة هونج كونج الذي شارك في اكتشاف فيروس السارس قال ما نصه  "من الممكن  أن تكون السلالات الفيروسية التي تصيب البشر  قد نشأت من هذا الاختلاط"

لكن عالم الفيروسات تشانغ تشون تو والذي يدير المختبر المرجعي لمنظمة OIE لداء الكلب في تشانغ تشون الصينية ، يقول إن النتائج مقنعة له وبنسبة "99٪" .

 وقال إنه يود رؤية العلماء يثبتون في المختبر أن السلالات الفيروسية البشرية يمكن أن تقفز من الخفافيش إلى حيوان آخر ، مثل الزباد. ويقول: "لو كان بالإمكان فعل ذلك ، لكان الدليل كاملاً".

 سؤال آخر مهم طرحه العالم الصيني (تو) وهو كيف يمكن لفيروس من الخفافيش في مقاطعة يونان الصينية السفر إلى الحيوانات والبشر على بعد حوالي 1000 كيلومتر في مقاطعة قوانغ دونغ ، دون التسبب في أي حالات مشتبه بها في يوننان نفسها !!!


أما العالمان كوي وشي فأنهما يبحثان مجموعات من الخفافيش يمكن أن تنتج سلالات قادرة على إصابة البشر. قام الباحثان حتى الآن بعزل حوالي 300 تسلسل من فيروسات التاجية الخفاشية وسيستمرون في مراقبة تطور الفيروس. ويحذران من ظهور تفشي مميت مرة أخرى "أن  الكهف الذي عثرنا فيه على السارس الخفاشي على بعد كيلومتر واحد من أقرب قرية ، والخلط الجيني بين السلالات الفيروسية في الخفافيش سريعا للغاية"  ثم يخلص إلى القول "إنه يعزز الفكرة القائلة بأنه لا ينبغي لنا أن نضع الحيوانات البرية في الأسواق لأن ذلك هو السبيل الوحيد للابتعاد عن ضرر العدوى الناشئة".

 أما أنا فأختم بالقول أن كورونا الإبل الذي اصابنا قبل سنوات قليلة وتسبب في ضائقة تنفسية مميتة وتسبب في وفاة حوالي 300 مواطنا سعوديا ربما أنتقل من نهشة خفاش  لجمل أو ناقة في الصومال أو السودان أو حتى مصر فانتقلت العدوى للجمل ثم لقطعانا من الجمال والتي يتم أستيرادها وعلى الدوام إلى ميناء جدة الإسلامي ثم قفز فيروس سارس من الإبل المريضة لتصيب من يخالط هذه الإبل من البشر.