09 يناير، 2013

الاٌقتصاد التركي ... ولا تحسب السمن فيمن شحمه ورم !!

قبل أشهر زارني مندوب أحدى الشركات العقارية ومعه عروضا بديعة لفلل و شقق في تركيا وفي مناطق ممتازه وأثناء حديثه ذكر لي
أن الأقتصاد التركي ينمو بأزدهار كبير وسيكون وفي خلال بضع سنوات من الأقتصادات القوية جدا وحثني على سرعة الشراء لأن العوائد من الأستثمار في العقار التركي مغرية للغاية.
وذكر لي المندوب أن المئات من الأطباء والطبيبات قد اشتروا بالفعل أما فللا أو شققا وذكر لي أيضا أن هناك اقبالا كبيرا من لدن أهل الخليج لشراء العقارات أما للسكن فيها وقت العطلات أوالأستثمار بتأجيرها على السياح - وخص الكويت في حديثه.
مجمل حديث المندوب "يا تلحق أو ما تلحق" او "قبل أن تطير الطيور بها".
حقيقه شكرت له جده وأجتهاده في أقناع الزبائن ولكني أعتذرت من قبول عروضه.
 
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أنه يسمع ويقرا ويشاهد وعلى نحو شبه يومي عن صعود صاروخي للأقتصاد التركي وأزدهاره ولقد كتب كتاب عرب وأجانب يقدمون أنفسهم على أنهم خبراء ومحليين أقتصاد عن النهضة الأقتصادية العظمى التي يعيشها الاقتصاد التركي المزدهر ولقد سمعت في حوارات على قنوات فضائية تشيد وتمجد هذه الوثبة العظيمة في الأقتصاد التركي وأن على الجميع أن يحذوا حذوها .
قلت ولكي نفهم سيروروة الاقتصاد التركي علينا أن نتاول شيئا من سيرة الأقتصاد التركي خلال العقد الماضي وسيرة عراب الأقتصاد التركي وهو رئيس الوزراء.
 
رئيس الوزراء التركي الحالي السيد رجب طيب اردوغان ينتمي لحزب العدالة والتنمية والذي فاز في الانتخابات التشريعية عام 2002 ليكون رئيسا للوزراء ومنذ عام 2003 وحتى كتابة هذه السطور.
قلت أنه وفي عام 2001 تعرض الأقتصاد التركي إلى أزمة خطيرة للغاية حيث تم تعويم الليرة التركية ليتم صرف 15 ألف ليرة مقابل الدولار ولضخامة العدد تم أصدار طبعة خاصة من الليرة المليونية (ليرة تعادل مليون ليرة).
وعليه كان على تركيا الأستنجاد صندوق النقد الدولي لمساعدتها واقراضها وكان على حكومة أردوغان بيع ضخم للأصول لتوفير سيولة مالية ضخمة لتنفقها على المقاولين وكانت مشاريع الزراعة وأنتاج الأعلاف واللحوم و الصحة والتعليم هي من أبرز ما تم خصخصته ليتوفر للحكومة 50 مليار دولار ومن حجم المبلغ نستطيع القول أن الحكومة باعت الكثير من الأصول.
صرفت الحكومة قسما كبيرا من عائدات الخصخصة لبناء أحياء سكنية وأنشاء الكباري والطرق.
وفي السنوات التالية أنتعش الاقتصاد التركي بسبب تدفقات النقدية حتى وصل الناتج المحلي الى 65% هذه التدفقات من بيع الأصول جعلت صرف الليرة مقابل الدولار (1 دولار=3 ليرات).
وأثناء كتابة هذه السطور 2012 فأن صرف الليرة (1 دولار=2 ليرة تركية) وأتوقع أن الصرف سيصل إلى نحو 1 دولار مقابل 1 ليرة تركية ربما بحلول عام 2015 .
 
أنا ولكي أتبين حقيقة الأقتصاد التركي بعيدا عن تشويش الأعلام فقد أمضيت أياما في مراجعة بيانات أقتصادية من مواقع رسمية  لكنها مصادر "غير تركية" فتبين لي أن تركيا وخلال العشر سنوات الماضية (2002-2012) أقترضت ومن دول شتى حوالي 500 مليار دولار وبفوائد عالية فضلا عن أنها حصلت على قرضين سخيين من صندوق النقد الدولي بقيمة أجمالية 20 مليار .أن ضخ هذه الأموال في شريان الأقتصاد التركي هوى بالتضخم من 35% إلى 5% مما أدى إلى تحسن دخل الفرد التركي من الناتج العام.
قال رئيس الوزراء اردوغان قبل أسابيع أن الدين التركي سيتم دفع آخر دفاعته في عهد حزبه وأنه لم يبقى من الدين الا  اقل من 1 مليار دولار قال ذلك في معرض الإشادة بتفوق حزبه في إدارة الملف الأقتصادي التركي –قلت لعل أردوغان يقصد دين صندوق النقد الدولي البالغ 20 مليار وليست الديون الدولية الهائلة  والمستحقة من دول شتى ولعل حديثه هذا جعل كتاب عرب واقتصاديون كبار يطيرون بنجاح الأقتصاد التركي.
قلت أن الدين الدولي الخارجي الضخم وهو دين ثنائي (يشبه الذي يتسلف من أصدقاءه دون أن يقيد ذلك في الدين المعلن) سيكون عبئا مهلكا على الأقتصاد التركي خلال العقد القاد (2012-2022) والذي يليه والذي اتوقعه بحلول عام 2020-2025 هو أزمة مالية تركية خطيرة للغاية تهوي بالأقتصاد التركي حيث يعود معدل التضخم في الأرتفاع من جديد وستهوي الليرة التركية إلى نفس المستوى الذي كان قبل الازدهار "الوقتي" وأتوقع أنه سيكون سعر الصرف بحوالي 1 دولار = 10 ليرات تركية.


تصبحون على خير.