وهي بأختصار قصة أعرفها جيدا-من قبل- فهي لصيدلي هندي وليس طبيبا كما ذكرت الصحفية وقدم بالفعل إلى أبو ظبي عام 1974 طلبا للعمل كصيدلي لكن دائرة الصحة رفضت طلبه لأن شهادات كلية الصيدلة الهندية غير معترف بها في أبوظبي.
جمع مالا من تجار هنود ووعدهم بالربح الوفير حيث فتح عيادة يديرها طبيب عام وممرضة ثم توسع شيئا فشيئا وعلى مدى 35 عاما توسع لتكون له سلسلة مستشفيات في الإمارات وحتى أنه أستحوذ على حصص في مستشفيات خليجية خاصة بما فيها المملكة
العام الماضي تسلم الطابق رقم 100 في برج خليفة والطابق فيه 3 شقق وقد دفع فيه 25 مليون دولار أمريكي (الرابط تقرير لقناة العربية على اليويتوب) وهو بعنوان "ملياردير هندي يشتري الطابق رقم 100 ببرج خليفة كاملا"
وكرمت الإمارات الملياردير الهندي في أكثر من مناسبة .
التحليل والتعليق:
عنوان اللقاء لاشك لافت وهو في نظري قد يكون دليل أدانة قبل أن يكون تمجيدا له فكيف بصيدلي فقير تعتذر صحة أبو ظبي قبل نحو 40 عاما عن توظيفه بسبب ضعف شهادته العلمية وعلى مدى هذه السنوات يصبح مليارديرا.
قصة هذا الملياردير الذي بدأ من الصفر تتكرر كثيرا في دول الخليج العربي وبالنسبة لي فتفسير قصصهم التي يروجون لها على أنها عصامية ودليل ذكاء وألمعية نادرة قلت تفسير ذلك لدي سهل للغاية وهي لا تخرج عن 4 أحتملات :
* أما أن هولاء رجال أعمال (محتكرون) يحتكرون منتجات ووكالات تجارية بدعم وحتى شراكة مع مسؤولين وصناع القرار فيتحكمون في السعر النهائي للسلعة والتي تأتي في الغالب ضعف أو حتى 3 أضعاف سعرها في الأسواق العالمية.
*أو أنهم مجرد (واجهة) وشركاء حقيقيون لفساد عريض ومشرعن يشرعنه فساد المسؤولين الحكوميين.
* أو بسبب حصولهم على (قروض) بنكية ضخمة بدون وجود ضمانات حقيقية (فساد بعض البنوك وما فضيحة بنك الأعتمماد الإماراتي عنا ببعيد
* أو أنهم (محتالون) ونصابون كبار يعرفون جيدا أساليب التحايل لتكديس الأموال ولدينا سابقة في هذا الشأن فلينظر قصة المحتال الكبير (باباني سيسوكو) وهو من دولة مالي والذي سرق 250 مليون دولار من البنك الأسلامي الإماراتي قيل حينها أن كان يستعمل السحر الأسود على مدير البنك آنذاك السيد محمد أيوب !!!!
قلت ومعظم الأحيان نجد جميع الأحتمالات في الحالة الواحدة متوافرة في الحالة الواحدة
وحينما نسوق هذه الأحتمالات على حالة الملياردير الهندي نجد أنه حصل على قرض ضخم للغاية -في حينها- الا وهو 3 مليون درهم من بنك الخليج التجاري (الآن بنك أبو ظبي التجاري) في بداية حياته 1977 حينما كان يبحث عن عمل.
ويأتي السؤال المنطقي : ماهي الضمانات التي قدمها -حينها- للحصول على ذلك القرض السخي جدا وهو لا يملك سوى 8 دولارات ويعيش في بيت شعبي يفتقر للكهرباء ويشتكي من الرطوبة وحرارة الصيف اللاهبة وعلى أسرته في الهند دينا 150 ألف روبية تكاليف زواج شقيقته....سأترك للقاريء الكريم أن يطلق عنان فكره !!!
رسالة إلى نزاهة .... غيروا طريقتكم !!!
نزاهة هي جهة حكومية رسمية أمر بها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وبمرسوم ملكي وتقاريرها تصل مباشرة للمقام السامي الكريم والهدف هو محاربة الفساد المالي والأداري الذي ينخر في جسد مملكتنا الغالية ومنذ سنوات طويلة.
لكن أسلوب نزاهة -وفي نظري- في تتبع الفاسدين غير مجد وغير ناجع البتة لأنه يعتمد على أما تقارير يكتبها مدير جديد عن مدير سابق فاسد أو في عجز في عهدة مسؤول مالي أو حصولها على تقارير تثبت تورط المسؤول في الفساد أو تلقي الرشوة.
قلت هذه الطرق لن تمكن نزاهة بالأطاحة برؤس الفساد الكبيرة وقططه السمان لأنهم ليسو بذلك الغباء أن يتركوا خلفهم أثرا يطيح بهم وبأعوانهم.
وعليه أقترح على نزاهة بتغيير طرقها على النحو التالي:
* الأفصاح ، فكل مسؤول حكومي عليه الأفصاح عن ماله وثروته وأن تراقب حساباته المالية مادام في منصبه وحتى وفاته.
*أنشاء قاعدة بيانات مالية تحدث على مدار الساعة فيها أسم المسؤول ودرجته وحركة الأموال في حساباته ويمكن لسامبا المالية السعودية أقتراح الافضل في هذا الشأن
*ربط حسابات الزوجة والأبناء وأخوة وأخوات المسوؤل بقاعدة البيانات المالية.
*عبء الأثبات يكون على المتهم بالفساد بمعنى أنه هو الذي عليه أن يسوق المبررات عن التغير الحاد في ثروته فهل التغير المالي الضخم بسبب أنه باع أرضا أو أسهما أو تحصل على ورث عريض . في تصوري أن جعل عبء الأثبات على المتهم سيسهل كثيرا من عمل نزاهة فهي ليست بحاجة -وعلى الأطلاق- الحصول على مستمسكات وأوراق أو حتى أخباريات قبل الشروع في ملاحقة المتهم بالفساد.
*العمل بأثر رجعي ـ وهذا مهم للغاية وعدم الأكتفاء بطي القيد أو القول بأن المتهم متوفي ففي نظري أنه لا يمكن أن يكافأ المفسد على فسادة حتى ولو كان تحت الثرى فكل من ثبت فساده وجب النظر في تركته وأمواله وأعادتها إلى خزينة الدولة لأن ذلك سيعطي رسالة واضحة جدا للفاسد أن الأموال والأراضي والعقارات المنهوبة ستعاد إلى أملاك الدولة حتى ولو بعد وفاته.
* البحث عن طريقة قانونية جديدة ومبتكرة لأعادة الأموال المهربة للخارج حتى ولو كانت على شكل معاهدات ثنائية بين المملكة ودول العالم تقوم على أستعادة الأموال المنهوبة وبحسب مشاهداتي فأن الفاسد أذا نجح في تهريب أمواله خارج المملكة فأنه لن يستعاد منها قرشا واحدا.
تصبحون على خير