23 يونيو، 2016

الفضل بن يحيى البرمكي



هو الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك بن جامامش بن بشتاسف
كان الفضل جوادا سخيا وسمحا ذو علم وأدب وكان لايرد سائلا فهو يحمل الخير حيثما حل ، قلت وليس غريبا أن يقبل الناس عليه وهو الوزير ويدعون الخليفة هارون الرشيد.
روى الأصمعي حكاية طريفة عن الفضل بي يحيى حيث قال خرج الفضل للصيد والقنص وبينما هو في موكبه إذ رأى أعرابياً على ناقة قد أقبل من صدر البرية يجد في سيره. 
قال: هذا يقصدني فلا يكلمه أحد غيري. 
فلما دنا الأعرابي ورأى المضارب تضرب ، والخيام تنصب ، والعسكر الكثير ،  والجم الغفير ، وسمع الغوغاء والضجة ظن أنه أمير المؤمنين. فنزل الأعرابي وعقل راحلته وتقدم إليه وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته !. 
قال : اخفض عليك ما تقول. 
فقال : السلام عليك أيها الأمير. 
فقال : الآن قاربت ... اجلس !! فجلس الأعرابي. 
فقال له الفضل : من أين أقبلت يا أخا العرب ؟ 
قال : من قضاعة. قال : من أدناها أو من أقصاها؟
قال : بل من أقصاها ! 
فقال : يا أخا العرب ، لأي شيء سرت ثمان مائة فرسخ إلى العراق؟  قال : سرت أقصد هؤلاء الأماجد الأنجاد ، الذين قد اشتهر معروفهم في البلاد. قال : من هم ؟ قال : البرامكة. 
قال الفضل : يا أخا العرب إن البرامكة خلق كثير ، وفيهم جليل وخطير ، ولكل منهم خاصة وعامة ، فهل أفرزت لنفسك منهم من اخترت لنفسك وأتيته لحاجتك ؟ قال : أجل أطولهم باعاً ، وأسمحهم كفاً. قال : من هو؟ قال : الفضل بن يحيى بن خالد. 
فقال له الفضل : يا أخا العرب إن الفضل جليل القدر ، عظيم الخطر ، إذا جلس للناس مجلساً عاماً لم يحضر مجلسه إلا العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والكتاب والمناظرون للعلم . أعالم أنت؟ 
قال: لا.
قال: أفأديب أنت؟ 
قال: لا.
قال: أفعارف أنت بأيام العرب وأشعارها؟ قال: لا.
قال: وردت على الفضل بكتاب وسيلة ؟ قال: لا.
فقال: يا أخا العرب غرتك نفسك ، مثلك يقصد الفضل بن يحيى وهو ما عرفتك عنه من سمو المقام وجلال القدر  فبأي ذريعة أو وسيلة تقدم عليه ؟ قال : والله يا أمير ما قصدته إلا لإحسانه المعروف ، وكرمه الموصوف ، وبيتين من الشعر قلتهما فيه. 
فقال الفضلأنشدني البيتين ، فإن كانا يصلحان أن تلقاه بهما أشرت عليك بلقائه ، وإن كانا لا يصلحان أن تلقاه بهما بررتك بشيء من مالي ورجعت إلى باديتك وإن كنت لم تستحق بشعرك شيئاً. 
قال: أفتفعل أيها الأمير ؟  قال: نعمقال : إني أقول:
ألم تر أن الجود من عهد آدم ... تحدر حتى صار يمتصه الفضل
ولو أن أماً مسها جوع طفلها ... غذته باسم الفضل لاغتذا الطفل

قال: أحسنت يا أخا العرب ، فإن قال لك : هذان البيتان قد مدحنا بهما شاعر وأخذ الجائزة عليهما فأنشدني غيرهما ، فما تقول؟ 
قال ، أقول:
قد كان آدم حين حان وفاته ... أوصاك وهو يجود بالحوباء
ببنيه أن ترعاهم فرعيتهم ... وكفيت آدم عولة الأبناء

قال: أحسنت يا أخا العرب ، فإن قال لك الفضل ممتحناً هذان البيتان أخذتهما من أفواه الناس !! فأنشدني غيرهما ، فما تقول وقد
رمقتك الأدباء بالأبصار وامتدت الأعناق إليك وتحتاج أن تناضل عن نفسك ؟  قال : إذن أقول :
ملت جهابذ فضل وزن نائله ... ومل كتابه إحصاء ما يهب
والله لولاك لم يمدح بمكرمة ... خلق ولم يرتفع مجد ولا حسب

قال: أحسنت يا أخا العرب ، فإن قال لك الفضل هذان البيتان مسروقان !!. أنشدني غيرهما ؟  فما تقول ؟  قال إذن أقول:
ولو قيل للمعروف ناد أخا العلا ... لنادى بأعلى الصوت يا فضل يا فضل
ولو أنفقت جدواك من رمل عالج ... لأصبح من جدواك قد نفد الرمل

قال: أحسنت يا أخا العرب فإن قال لك الفضل : هذان البيتان مسروقان أيضاً. أنشدني غيرهما فماذا تقول. قال أقول:
وما الناس إلا اثنان صب وباذل ... وإني لذاك الصب والباذل الفضل
على أن لي مثلاً إذا ذكر الورى ... وليس الفضل في سماحته مثل

قال: أحسنت يا أخا العرب ، فإن قال لك الفضل : أنشدني غيرهما فما تقول. قال: أقول أيها الأمير:
حكى الفضل عن يحيى سماحة خالد ... فقامت به التقوى وقام به العدل
وقام به المعروف شرقاً ومغرباً ... ولم يك للمعروف بعد ولا قبل

قال: أحسنت. فإن قال لك: قد ضجرنا من الفاضل والمفضول أنشدني بيتين على الكنية لا على الاسم فما تقول ، قال :
ألا يا أبا العباس يا واحد الورى ... ويا ملكاً خد الملوك له نعل
إليك تسير الناس شرقاً ومغرباً ... فرادى وأزواجاً كأنهم نحل
قال: أحسنت يا أخا العرب. فإن قال لك الفضل : أنشدنا غير الاسم والكنية والقافية. قال : والله لئن زادني الفضل وامتحنني بعدها لأقولن أربعة أبيات ما سبقني إليهن عربي ولا أعجمي ، ولئن زادني بعدها لأجمعن قوائم ناقتي هذه وأجعلها في فم الفضل. ولأرجعن إلى قضاعة خاسراً ولا أبالي ،  فنكس الفضل رأسه وقال للأعرابي: يا أخا العرب أسمعني الأبيات الأربعة. قال أقول:
ولائمة لامتك يا فضل في الندى .. .فقلت لها هل يقدح اللوم في البحر
اتنهين فضلاً عن عطاياه للورى ... فمن ذا الذي ينهى السحاب عن القطر
كأن نوال الفضل في كل بلدة ... تحدر ماء المزن في مهمه قفر
كأن وقود الناس ف كل وجهة ... إلى الفضل لاقوا عنده ليلة القدر

قالفأمسك الفضل عن فيه وسقط على وجهه ضاحكاً ، ثم رفع رأسه وقال : يا أخا العرب أنا والله الفضل بن يحيى. سل ما شئت. فقال : سألتك بالله أيها الأمير إنك لهو. قال: نعم ! قال له : فأقلني. قال : أقالك الله اذكر حاجتك. قال عشرة آلاف درهم. قال الفضل: ازدريت بنا وبنفسك يا أخا العرب. تعطى عشرة آلاف درهم في عشرة آلاف وأمر بدفع المال. فلما صار المال إليه حسده وزير الفضل وقال : يا مولاي هذا إسراف. يأتيك جلف من أجلاف العرب بأبيات استرقها من أشعار العرب فتجزيه بهذا المال.
فقال: استحقه بحضوره إلينا من أرض قضاعة. قال الوزير: أقسمت عليك إلا أخذت سهماً من كنانتك وركبته في كبد قوسك وأومأت به إلى الأعرابي. فإن رد عن نفسه ببيت من الشعر وإلا فاستعطف مالك ويكون له في بعضه كفاية. فأخذ الفضل سهماً وركبه في كبد قوسه وأومأ إلى الأعرابي وقال له: رد سهمي ببيت من الشعر فأنشأ الأعرابي يقول:
لقوسك قوس الجود والوتر الندى ... وسهمك سهم العز فارم به فقري
قال فضحك الفضل وأنشأ يقول:
إذا ملكت كفي منالاً ولم أنل ... فلا انبسطت كفي ولا نهضت رجلي
على الله إخلاف الذي قد بذلته ... فلا مبق لي بخلي ولا متلفي بذلي
أروني بخيلاً نال مجداً ببخله ... وهاتوا كريماً مات من كثرة البذل

ثم قال الفضل لوزيره أعط الأعرابي مائة ألف درهم لقصده وشعره ومائة ألف درهم ليكفينا شر قوائم ناقته ، فأخذ الأعرابي المال وانصرف. وهو يبكي فقال له الفضل: مم بكاؤك يا أعرابي. أإستقلالاً للمال الذي أعطيناك !!!. قال : لا ولكني أبكي على مثلك يأكله التراب وتواريه الأرض. وتذكرت قول الشاعر:
لعمرك ما الرزية فقد مال ... ولا فرس يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حر ... يموت لموته خلق كثير

ثم انصرف الأعرابي مسروراً. 

------- فائدة لغوية -----
قلت وقولهم (برمكي) لأن أسرته كانوا يقومون على رعاية بيت وكان جده أسمه (برمك) كبير الخدام وكان منزلته عظيمة جدا وكان البيت المقدس مبني على هيئة مكعب في منطقة (النوبهار) لعبادة (بودا) وكان يُكسى بالحرير والديباج كل عام ويحج له الوف مؤلفة من أتباع (بودا) من شتى أصقاع الصين وبلاد الهند والسند وفارس وكانت تحيط به ألوف الأصنام كان ذك في عهد ملوك فارس (ساسان) حيث أنتشرت العقيدة البوذية زمن حكمهم وشملت أجزاء كبيرة من بلخ وكابل (أفغانستان حاليا) وشرق فارس والصين.وقبل سنوات قامت حكومة طالبان الأفغانية  بتفجيرتماثيل (أصنام) ضخمة بحجم الجبال تعود لنفس فترة أنتشار البوذية مما أسخط عليهم العالم.

14 يونيو، 2016

متلازمة أستكهولم

متلازمة (أستكهولم) هي وصف لحالة نفسية غريبة وفيها تنقلب عواطف الضحية رأسا على عقب فتنقلب الكراهية والبغض والغضب من من أساء اليه وكان سببا في عذاباته وألآمه الى محبة وعطف جارف
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن أول من وصف هذه الحالة النفسية العجيبة هو الدكتور السويدي نيلس بيجروت وهو طبيب نفسي تخصص في علم الجريمة وكان ذلك في عام 1973
قلت وحينما بدأت قوات التحالف بطلعات جوية مكثفة لقصف الحوثي في اليمن كان من بين الطيارين المقدم طيار (مريم) المنصوري من دولة الأمارات الشقيقة  وكانت تقود طائرة مقاتلة غاية في التقدم والتعقيد التقني أنها الطائرة المقاتلة من نوع أف-16 وكانت المقاتلة (مريم) تحوم بطائرتها وتحمل الدمار والموت معها حيثما حلت ، كان شعور الشاعر عبدالفتاح الزوبيدي (المأربي) مخالفا ومغايرا لما يجب عليه شعور الأنسان تجاه من يقصفه ويريد الحاق الضرر الكبير به وحتى قتله فبدلا من عبارات الغضب والسخط والكراهية والهجاء نجد أن قلب الشاعر (المأربي) تحول من الحقد والكراهية إلى المحبة الجارفة لمن أساء اليه وهي هنا المقاتلة (مريم) فهو يسعد حينما تحلق في سمائه وأن ما تسقطه على رأسه من قذائف وغاز لا يزيد محبته لها الا تأججا وسعيرا فهو لايكاد ينفك يفكر فيها حتى في غفواته بل أنه يتمنى ومن كل جوانحه أن تكون له  وأنه سيسوق لها ما تريد من مهر وأن يلبي كل شروطها وشروط أسرتها  ، قلت  وبدلا من أن يوصي رئيسه عبدربه منصور هادي في أثناء زيارته للأمارات بأن تكف المقاتلة (مريم) بالكف عن الغارات الجوية المدمرة ، نجده يتوسل من رئيسه أن يغتم هذه الفرصة السانحة وأن يخطب له (مريم) من الشيخ مكتوم حاكم دبي.
لاشك أن ماعاناه ويعانيه الشاعر (المأربي) ماهو الا ترجمة نفسية لمتلازمة (أستكهولم) يقول الشاعر المأربي : 
يا عبدربه كلم الشيخ مكتوم
عن رغبتي في خطبة البنت مريم
قلبي متيم في هواها ومغروم
وما يطلبه مكتوم من شرطها تم
اما تزوجني على شرع وسلوم
ولا فتقصفني وتدخل جهنم
ماعاد فيها حكم حاكم ومحكوم
هي خصم قلبي والحكم والمحكم
قولوا لها في حبها صرت متهوم
حرام تقصف قلب عاشق متيم
عيني تراقبها ولا ذاقت النوم
احلم بها في ظلمة الليل الاظلم
عشقتها عشق المعنى لكلثوم
عشقت بدلتها ورتبت مقدم
ليتها تطيرني على الجو وتحوم
فيني كما طير الفضا حين حوم
من طايرتها نزلت غاز مسموم
صابت فوادي بالغرام المحتم
- See more at: http://www.almashhad-alyemeni.com/news50788.html#sthash.ymmT9PI3.dpuf
يا عبدّربه كلّم الشيخ مكتوم ...عن رغبتي في خطبة البنت (مريمّ)
قلبي متيّم في هواها ومغروم ...وما يطلبه مكتوّم من شرطها تّم
اما تزوجني على شرع وسلوم.... ولا فتقصفني وتدخل جهنّم
ماعاد فيها حكم حاكم ومحكوم.... هي خصم قلبي والحكم والمحكّم
قولوا لها في حبها صرت متهوم ....حرام تقصف قلب عاشق متيّم
عيني تراقبها ولا ذاقت النوم.... أحلم بها في ظلمة الليل الاظلم
عشقتها عشق المعنى لكلثوم .... عشقت بدلتها ورتبة مقدّم
ليتها تطيرني على الجو وتحوم .... فيني كما طير الفضا حين حوّم
من طايرتها نزلت غاز مسموم .... صابت فؤادي بالغرام المحتّم 

فتبصر يارعاك الله ....!!!

يا عبدربه كلم الشيخ مكتوم
عن رغبتي في خطبة البنت مريم
قلبي متيم في هواها ومغروم
وما يطلبه مكتوم من شرطها تم
اما تزوجني على شرع وسلوم
ولا فتقصفني وتدخل جهنم
ماعاد فيها حكم حاكم ومحكوم
هي خصم قلبي والحكم والمحكم
قولوا لها في حبها صرت متهوم
حرام تقصف قلب عاشق متيم
عيني تراقبها ولا ذاقت النوم
احلم بها في ظلمة الليل الاظلم
عشقتها عشق المعنى لكلثوم
عشقت بدلتها ورتبت مقدم
ليتها تطيرني على الجو وتحوم
فيني كما طير الفضا حين حوم
من طايرتها نزلت غاز مسموم
صابت فوادي بالغرام المحتم
- See more at: http://www.almashhad-alyemeni.com/news50788.html#sthash.ymmT9PI3.dpuf

08 مايو، 2016

وسامة

(عنّيد) هو أسم أطلقه العراقيون على شاب وسيم كان يعمل في مقهى في  منطقة الكراّدة في بغداد عاصمة العراق و(عنيّد) كان قد جلب من منطقة (بلخ) وهي من بلاد الأفغان وكان وسيما أمردا وبسبب وسامته الصارخة كان المقهى الذي يعمل فيه نادلا يجتذب الكثير من الزبائن 
يذكر الدبلوماسي العراقي السفير أبراهيم المُميّز رحمه الله أن (عنيّد) لقي مصرعه بعدة رصاصات أطلقها عليه شاب عراقي بعد أن تأججت فيه نيران الغيرة والحسد من ذلك الشاب الوسيم.
وبعد مقتله رثاه شاعر عراقي في قصيدة طويلة حيث قال:
عيني يـومه عـيـني ....يا (عنّيد) يا يابه
تسوى عندي هـلي  .. وكـل الـقـرابه
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أنه لطالما جنت وسامة (الذكور) عليهم وربما أدت الى تعاستهم أو حتى هلاكهم بخلاف وسامة (الأناث) والتي قد تكون سببا في نجاحهن وسعادتهن (راجع تدوينة .... خُرّم أتبع الرابط)
يقول العطيات فهذا أمرؤ القيس الكِنْدي من قبيلة (كِنْده) العربية يغادر إلى بلاد الشام ويقصد قيصرها ليساعده بالأخذ بثار أبيه المغدور من قتلته الا أن (وسامة) أمرؤ القيس جعلت من نساء القيصر يبدين أهتمامهن الملفت بذلك العربي الوسيم مما جعل قيصر يدس له السم ليموت بعدها مسموما بين بلاد الشام وتركيا ولم يكن أمرؤ القيس وسيم قبيلة (كِنْده) الوحيد فقد ذكر لنا التاريخ (المقنّع) الكِنْدي وهو محمد بن مظفر ولد في حضرموت وكان سيدا في قومه ثم أرتحل للعراق وهو من شعراء الدولة الأموية، قلت كان من أجمل رجال زمانه فما كان منه الا أن وضع (قناعا) على وجهه مخافة الشرور والعيون وكان لا يرفعه الا اذا دخل على صديقه الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان.
قلت وأول من كان ضحية وسامته من الذكور هو (يوسف) عليه السلام والذي أتهمته (زليخا) زوجة العزيز الذي تربى في منزله  بتهمة شنيعة هو بريء منها وقصته معروفة.
قلت وليس غريبا أن تطلب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مهرجان الجنادرية لعام 2013 من ثلاثة شبان من جناح دولة الأمارات  بضرورة مغادرة المملكة وضرورة أستبدالهم من قبل القائمين على الجناح وجاء في حيثات الأبعاد أن الثلاثة كانوا على درجة كبيرة من الوسامة الأمر الذي جعل من الكثير من النساء والفتيات يتحلقن في جناح الأمارات وبشكل غير مألوف ولدرء الفتنة قامت الهيئة بهذا الأجراء ..... فتبصر يارعاك الله.

ودي و خاوة

(الودْي) و (الخاوة) هي نوعان من الضريبة فرضتها الدولة
العثمانية ولقرون على  كاهل العرب في شبه الجزيرة
العربية يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن الدولة العثمانية (تنسب الى عثمان السلجوقي من قبيلة سلجوق من هضبة الأناضول في تركيا وليس لهم علاقة بسيدنا عثمان بن عفان الخليفة الراشد الثالث) فرضت أشكالا من الضرائب وكان الباعث منها جمع الأموال لرفد خزانة الدولة.
قلت وكانت هذه الضرائب تجمع وبشكل منتظم عن طريق ولاة الدولة العثمانية  وشيوخ القبائل (باشوات) وأشراف الحجاز ولم يسلم منها حتى عرب البادية الرحل
يقول العطيّات أن الدولة العثمانية ما كانت لترضى بمفهوم الزكاة  العادل لقلة مردوده بينما (الودْي) قيمته تعادل قيمة تقريبا خمسة أضعاف قيمة الزكاة وقيمة (الخاوة) تعادل حوالي 15 ضعفا ، ولقد ذهب جزءا كبيرا من هذه الضرائب في بناء قصور سلاطين بني عثمان الفارهة وبذخ الحريم- كان لكل سلطان حريم لكل واحدة بيتا وقد يتجاوز عددهن العشرات - وحجة الدولة العثمانية أن ذلك ثمن توفير الحماية لهم !!!!.
يقول العطيّات (ودْي) و (خاوة) هي الفاظ (عثمانية) وجدت طريقها لموروث العرب سواء كانوا بدوا رحلا أو يقيمون في الحواضر الزراعية ووردت بنفس المعنى في أشعارهم  القديمة
قال غالب بن حطاب (الشمري) (من أهل الجوف):
ومن عقب ما (نادي) الخلايق (ودينا) ... اليوم لو ياتي سفيه (ودانا
قوله (نادي) أي نأخذ (الودْي) اي الضريبة
(ودينا) ، (ودانا) أرغمونا على دفع (الودْي)
قلت هذا البيت من قصيدة قالها غالب حينما كان هو ووالده حطاب في سجن بن رشيد أمير الجبل (أمارة حائل) وكان رأي الشاب غالب أن يبادروا بقتل الأمير عبيد بن رشيد (الشمري) (1863-1796) ومن معه بمجرد وصولهم منطقة الجوف لقناعته أن مجيئهم أنما هي من المكيدة والغدر غير أن والده حطاب نهاه وقال له... يا ولدي تبقى على السنة العرب يقولون قتلوا ضيوفهم .... فصدقت نبؤة غالب فبقيا مسجونان حتى ماتا

قال غالب معاتبا أباه وهما في السجن :
اشوف تمر الكسب عندي طريفه ... من عقب ما نأكل مذانب حلانا
وانا اشهد أن عـبيد جانا بحيفـه  .... وأنا أشهد أنه سلطة من سمانا
ما طعت شوري يوم أنا بالسقيفه ...أنته تقول أهناك وأنا أقول هــانـا
واليوم يا حــــطاب ما به حسيفه...  هذا جـــزى ما تستحـقـه لحانا

قوله (الكسب) : التمر الرديء ، (مذانب) : هي التمرة التي نضج طرفها (ذنبها) فتكون أطيب التمر ، (حلانا) أي من نخيل الحلوة التي أشتهرت بها الجوف (حلوة الجوف) ، (حيفة) : مكر ، قوله أهناك أي هناك وهو رأي والده الذي أقنع غالب بالنزول من المنطار (السقيفة)  لمقابلة عبيد بن رشيد ومن جاء معه وقوله هانا أي هنا بمعنى ننتظرهم هنا حتى يقدموا علينا فنفتك بهم (حسيفة)  الأسف والحسرة.
أما شايع الأمسح الرمالي الشمري وفي قصيدة قديمة يذكر فيها أصول شمر فيصف قبيلة شمر بأنها لا تدفع الودي
أنا من أهل الجبلين ومن روس شمر ... عن (الودْي) عاصي ماعلي حكام
 وقال رميح الخمشي العنزي في حق الجار:
عاداتنا نحميه من صولة القوم  ...  ولاخير باللي يدفع (الودْي) جاره
 أما شاعر نجد الكبير محمد بن عبدالله القاضي فيصف ديار آل سعود الكرام بأنها كانت لا تسوق الخاوة لأي كان وقال في ذلك:
دار النّدى دار السعّد والشكّاله .... ماساقت (الخاوة) للأول ولا التالِ

06 مايو، 2016

قتل ذوي القربى من الذكور

ذو القربى هم أقرباء الأنسان ممن تربطه به وشائج الدم والنسب ولعل قتلهم بدون ذنب أقترفوه هو من أشنع الأفعال.
يقول الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن قتل الأقرباء  لم يكن من عادات العرب حتى في أيام الجاهلية .
ولكن قتل ذوي القربى وخصوصا (الذكور) كانت عادة متأصلة وممارسة بشكل كبير في قبيلة (سلجوق) وهي قبيلة تقيم في هضبة الأناضول ومنها أنحدر (عثمان) السلجوقي ويطلق على فترة حكمهم بالسلطنة العثمانية (وليس لهم علاقة بسيدنا الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه).
ولقد أعتاد (السلاجقة) وقبل دخولهم الأسلام أن يعمد شيخ القبيلة وفور توليه زمام أمارة القبيلة بقتل جميع (الذكور) في دائرته وقد يبدأ بقتل أولاده الكبار ثم من يليهم من أقاربه وفي أحيان كثيرة يشمل القتل أطفالا (ذكورا) صغارا ، قلت أنما يفعل ذلك مخافة أن ينازعوه أمر القبيلة وليستقيم له الأمر بعد قتلهم ، ويتم القتل عادة بأستعمال حبل قصير وقوي يقال أنه من الحرير ويشد على الرقبة حتى الموت.
يقول العطيات وبالرغم من أن قبيلة (السلاجقة) دخلوا في دين الأسلام  وأصبح منهم سلاطين كثر في الدولة العثمانية والتي حكمت العالم الأسلامي قرابة 500 عام الا أن عادتهم المقيته هذه ظلت باقية وكانوا يمارسونها - بدم بارد - في الوقت الذي كانوا يقيمون فيه شعائر الأسلام من صلاة وزكاة وحج لبيت الله وبناء المساجد حتى وصلت المساجد في عصرهم إلى فيينا (عاصمة النسما).
يقول العطيات أن هناك عادة مشابهه نجدها في مملكة الأسود حيث يعمد الأسد الذي يستولي على العرين بقتل الأشبال (الذكور) لكي يكون العرين له وحده ...

في المقطع التالي يقوم الأمير سليم  بالاشراف على تنفيذ قتل شقيقه الأمير بايزيد وأطفاله (الذكور) الأربعة  بعد صدور فرمانا (أمر سلطاني) من السلطان سليمان القانوني بذلك.
وكان السلطان سليمان القانوني قبلها بفترة وجيزة قد أمر بقتل ولده الأكبر مصطفى (ولي عهده) بحضرته فخنق حتى مات.
https://www.youtube.com/watch?v=fjX4hsF8V_4