المريض الأول
يقول المريض يصف للطبيب ما وقع له :
كنت قاعد في أمطراحة أتقهوى
وما أدري ما هو أجَاني
فجأة حبجت بصمتي في القاع
وركبني صادع ودوخة
(أرى أمقيروانه ترقص فوق أمقرعينه)
وصلم في ظهري وسيقاني ،
وبّت مدقدق ومرفوت وأهتش
(السطور أعلاه برواية الدكتور حسن الخضيري - طبيب من جازان)
قلت ولكي نفهم شكوى المريض علينا أولا بتفكيك مفردات كلماته والوقوف على معاني كل مفردة :
قاعد : جالس
أمطراحة : (أم) أداة التعريف في العربية الجنوبية + ( طراحة) : فناء
أتقهوى : أحتسي القهوة
ماهو اجَاني : وأذ بالذي أصابني
حبجت : أرتطمت والكلمة فصيحة
بِصمتي : الصمة هي أعلى الرأس ويقصد هنا (الجبهة) وهي فصيحة
القاع : وجه الارض والكلمة فصيحة
وركبني : أصابني والكلمة فصيحة
صادع : صداع
أمقيروانه : (أم ) أداة التعريف في العربية الجنوبية + (قيروانه) : حوض الغسيل
أمقرعينه : ( أم ) + ( قرعينه) وهو العمود يكون في أعلى العشة
صلم : ألم قاطع والكلمة فصيحة
ظهري : ظهر الأنسان
سيقاني : جمع ساق
وبت : من المبيت ليلاً أي أمسيت والكلمة فصيحة
مدقدق : مرضوض والكلمة فصيحة
مرفوت : مكسّر والكلمة فصيحة
وأهتش : من أصابته الحمى
والذي يريد أن يقوله المريض :
"بينما كنت جالسا في فناء العشة أحتسي القهوة
فجأة أرتطمت جبهتي بالأرض ، ثم أصابني بعدها صداع ودوخه
حتى خيّل إلي أنني أرى حوض الغسيل يرقص فوق عمود العشّة وشعرت بألم قاطع شديد في ظهري وسيقاني وأمضيت ليلتي مرضوض ومكسّر ومحموم"
*********************************
المريض الثاني
يقول المريض يصف للطبيب ما وقع له :
شفت لي يا حكيم شول محيّره
وكانت الأطباء مكتوبه بصرارها
وكنت يا حكيم مبطي عن حليبها
وحلب لي الشغموم منها وأخذت لي غمجات
وبعد العصر جتني هيضه برهزتني عن الربع
وأخذت معي الين الجهمه
خلتني فادر و أمسيت منها مدنف
(السطور أعلاه برواية الدكتور محسن العطيّات - طبيب من تبوك)
قلت ولكي نفهم شكوى المريض علينا أولا بتفكيك مفردات كلماته والوقوف على معاني كل مفردة :
شول : مجموعة من النياق والكلمة فصيحة
محيره : محفوظة في (حير) وهو ما يشبه الحضيرة والكلمة فصيحة
الأطباء : جمع (طبي) وهو ضرع الناقة والكلمة فصيحة
مكتوبة : مربوطة والكلمة فصيحة
صرار : حبل قصير تربط به ضروع الناقة والكلمة فصيحة
الشغموم : الشاب الطويل التام الحسن والكلمة فصيحة
غمجات : جرعات والكلمة فصيحة ، والبعض يعيد ترتيب حروفها لتكون (جغمات)
هيضه : أنطلاق البطن والكلمة فصيحة
برهز : يتنحى ويبتعد والكلمة من بقايا لغة الأنباط الشمالية
الربع : قوم الرجل وجماعته
الين : (إلى + أن) بمعنى حتى
جهمة : قبل بزوغ الشمس والكلمة فصيحة
خلتني : جعلتني
فادر : الفتور الشديد والكلمة فصيحة أنظرها في (فدر)
أمسيت : أدركني المساء
مدنف : المشرف على الموت والهلاك والكمة فصيحة
والذي يريد أن يقوله المريض "
لقد رأيت مجموعة من النياق وكانت ضروعها مربوطة ، وكنت لم أشرب حليبها لفترة طويلة ، فقام شاب جميل وحلب لي شيئا من حليبها ، وأخذت منه جرعات وبعد العصر أنطلقت بطني فتنحيت عن جماعتي واستمرت حتى وقت متأخر من الليل وأصابني بعدها فتور شديد حتى جعلتني أمسي مشرفا على الهلاك"
عزيزي القاريء أن ما قرأته أعلاه ليست لغة مشفرة أو لغة عالية قال بها من يحمل الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها وأوردها ممازحا وليست بلغة سوقيه أو لهجة مبتذلة وأنما نطقتها ألسن عربية (فصيحة) تعيش بيننا - حتى كتابة هذه السطور - وعلى سجيتها وتردد ما ورثته من الفاظ من أسلافها
قلت ولو كان الحكيم (الطبيب) من زمن الأصمعي أو حتى (سيبويه) لعرف مالذي يريد أن يقوله كل واحد منهم وبنسبة 99% دون الحاجة إلى الرجوع الى معاجم اللغة أو حتى الأستفهام أو الأستيضاح من القائل.