لماذا اليمن ؟
وقبل أن أجيب يتوجب علي توضيح الحالة المذهبية في اليمن .
من المعروف أن المذهب السائد في اليمن هو المذهب (الزيدي)* ويدين به أكثر من 80% من القبائل اليمنية وهو مذهب متسامح ومنسجم إلى حد كبير مع مذهب أهل السنة والجماعة ولكن في المقابل هناك المذهب (الجارودي)* وهو مذهب أثنا عشري يجنح إلى تكفير أهل السنة وأن كفرهم كفر أبتداء .
المذهب الجارودي يتزعمه الآن الأمام بدر الدين الحوثي وينتشر في منطقة (صعده) والمعروف أن الإمام الحوثي كان قد زار إيران قبل سنوات وأقام فيها وتأثر كثيرا بالثورة الأسلامية التي اطاحت بالحكم الملكي الشاهنشاهي* وأتت بنظام الأمامة على التصور الشيعي وهو (الولي الفقيه) في شخص سيد روح الله الخميني ومن ثم خليفته الحالي علي خامنئي واقول أن الإمام الحوثي كان يقول في خطب صلاة الجمعة بالموت لامريكا وأسرائيل. فالأمام لا يخفي طموحه في أعادة الحكم الأمامي لليمن ليس على النهج الزيدي السابق وأنما على النهج الأثنا-عشري أي النهج الإيراني. أنا شخصيا أجزم أن هناك شبه أتفاق بين إيران و الإمام الحوثي على جعل اليمن الشقيق نسخة حقيقة من النظام الإيراني.
أستراتيجية أيران في اليمن
يعتقد الدكتور محسن بن سليمان العطيات العطوي أن إيران ستمضي في اليمن بحسب أستراتيجيات وخطط مرسومه وأتصورها كالآتي :
1-أستراتيجة الحرب
بحسب أعتقادي أن استراتيجة إيران في اليمن ستكون على مرحلتين قد تتزامن أو يكون بينها فارق زمني ربما يمتد لسنوات.
أ-هزيمة الجيش اليمني النظامي وأحتلال صنعاء
بعدما تتهيأ الظروف المناسبة من تكديس السلاح الإيراني سيدفع الإمام الحوثي بكتائب من جيش الأمام وهما (أنصار الشريعة) و (الشباب المؤمن) للدخول في حرب مباشرة مع الجيش اليمني المتهالك وأعتقد جازما أن جيش الإمام سيكسب الحرب السابعة - أن نشبت -وسيتمكن من الهيمنة على السلطة في اليمن.
سيقول قائل وأين القبائل اليمينة الزيدية الضخمة والتي تشكل 80% من سكان اليمن في هذا المشهد؟
في تصوري أن هذه القبائل الضخمة من مثل مراد وبكيل وحاشد وقبائل طوق صنعاء ستقف موقف المتفرج في هذه الحرب فهم جميعا لن يتقدموا خطوة واحدة لصد تقدم جيش الإمام الحوثي أما بسبب رشوة مالية ضخمة من إيران أو أنه يصار إلى أتفاق بين جيش الأمام بأن لا يدخل مناطقهم القبلية وأن يكتفي بقلب صنعاء .
ب-أشعال الحرب مع السعودية
أن أشعال حرب ضروس مع السعودية هو أستراتيجية إيرانية خطيرة للغاية فالحرب ستكون بأيادي يمنية وسلاح إيراني والهدف هو جر المملكة لمستنقع وحرب أستنزاف رهيبة قد يطول زمنها ولا تعرف نتائجها.
أن تكديس جيش الأمام لما أعتقد شخصيا أنه صواريخ إيرانية لا يأتي عبثا في سياق الأستراتيجية الإيرانية فإيران لديها أجيالا من الصواريخ فمنها ماهو قصير المدى و متوسط وطويل المدى.
يستطيع صاروخ طويل المدى منطلقا من (صعده) من ضرب أقصى قاعدة عسكرية سعودية في شمال المملكة أعني مدينة (تبوك).
قلت لقد أدركت إيران من حربها مع العراق و حرب أمريكا على العراق أن الصواريخ تصنع فرقا هائلا في موازين الصراع العسكري فعملت منذ عام 1990 على برنامج صواريخ طموح جدا.
وفي أعتقادي أن تكديس جيش الإمام الحوثي للصواريخ الإيرانية هو بنية مستقبلية لضرب أهداف أستراتيجية في مملكتنا- حرسها الله - تتمثل في قواعد عسكرية ، مطارات ، حقول نفط ، موانيء ـ فايران لن تترد في الطلب من جيش الإمام الحوثي في ضرب أي هدف تراه يضر بالسعودية
2-الأستراتيجية العقائدية
أ- التمهيد لأقامة الحكم الأمامي الشيعي الأثنا عشري في اليمن:
ففي عام 1900 أعلن الإمام يحيى بن حميد الدين (المتوكل) قيام المملكة المتوكلية وأصبح إمامها ودعا إلى تثبيت الإمامة في آل البيت ودعا إلى أخراج المحتل العثماني (التركي) بقوة السلاح
أما في عسير وصبيا فكانت أمارة الأدارسة* وكانت أيطاليا تقدم لهم السلاح والأموال لقتال الأتراك وفي عام 1915 دخلت بريطانيا بمالها وسلاحها وساعدت في بسط نفوذ الأمارة حتى بلغت ميناء الحديدة ولقد خففت هجمات الأدارسة من الضغط التركي على الحامية البريطانية في عدن وصولا إلى تسليمها للأدريسي عام 1920 وأعتبارها "محميات أنجليزية" الأمر الذي أغضب الإمام ودارت رحى معارك بين الإمام والأمير لم تنتهي إلى شيء مما قسم اليمن فعليا إلى إمامة في صنعاء وجبالها وأمارة أدريسية في تهامة وعدن. بوفاة الأمير محمد تولى إبنه (18 سنة) الأمارة فنشبت بينه وبين عمه علي خلافات على النفوذ والسلطة فأنشق العم وشرع في قتال إبن أخيه الشاب ومما زاد في ضعف الأمارة تمرد آل عائض ورفضها دفع الأتوات كل هذا أدى إلى أنحسار رقعة الأماردة الأدريسية وفي عام 1923 أرسل الأمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل طيب الله ثراه جيشا لضم بيشة وتهامة عسير والحقوة فكان له ما أراد.
بقيت اليمن تحت ظلال الإمامة حتى عام 1962سبتمبر حيث تم الأنقلاب العسكري وفيه تم اسقاط الإمامة وقيام الجمهورية
الأتراك بعد هزيمة السلطنة العثمانية في الحرب العالمية أنحسر نفوذهم في كثير من أصقاع العالمين العربي والاسلامي وكان اليمن أحد هذه البلاد أستمر حكم الإمامة حتى عام 1962
كما أسلفت عاشت اليمن تحت حكم أمامي منذ مئات السنين قلت ان إيران سوف تستغل ضعف اليمن من جراء الحروب الأهلية كما شكلت الحروب الستة التي دارت رحاها بين الجيش اليمني و جيش الإمام الحوثي وعجز الجيش اليمني عن حسم الصراع في (صعدة) وستقوم إيران بدعم الأمام الحوثي لتمكينه من اقامة الحكم الأمامي والدعم سيأتي عن طريق تهريب السلاح النوعي من صواريخ و ألغام.
في تصوري الشخصي أن إيران وبعدما تكدس أطنانا من السلاح النوعي في جبال (صعدة) الوعرة ستعمل على أرسال خبراء من إيران و العراق ولبنان وسوريا لتدريب جيش الإمام الحوثي.
ب-التمهيد لظهور صاحب الزمان (المهدي) من اليمن:
للأسف أهل السنة والجماعة وطلبة العلم لا يقرأون جيدا في كتب الشيعة وخصوصا الكتب التي تتناول ظهور صاحب الزمان (المهدي) في حسب المعتقد الشيعي الأثنا عشري.
قلت ولقد قرأت حوالي 12 كتابا من كتبهم والتي تتناول ظهور المهدي وكل هذه المراجع المعتبرة تؤكد على أن صاحب الزمان سيكون خروجه من اليمن ويرافق ظهوره نهرا من الدماء البشرية .ولا أشك أبدا أن إيران ستستغل تلك العقيدة بزرع هذه الفكرة الرهيبة في أدمغة الشباب اليمني المنتمي للمذهب الجارودي والذي تهيأه إيران لشن حربا مع السعودية.
تصوراتي الشخصية لإفشال الأستراتيجية الإيرانية في اليمن:
* الشروع فورا -ودون أبطاء - بعمليات عسكرية سعودية خاطفة يكون هدفها الرئيسي تدمير الأسلحة والصواريخ والعتاد الإيراني المخبأ في (صعدة) سواء كانت العمليات بأتفاق وتنسيق مع الحكومة اليمنية أو كعمل سعودي منفرد ويكون هدفها تدمير 80% من السلاح النوعي .هذه الخطوة في تصوري ستصنع فرقا كبيرا بين موازين القوى ففي لأن الحرب قادمة بين جيش الإمام والجيش اليمني وبيننا وبين جيش الإمام من جهة أخرى ربما تنشب بعد أشهر أو سنوات.
* تقوية الجيش اليمني ومده بالسلاح وتقديم التدريب له لضمان أنتصاره في حال نشوب حرب سابعة مع جيش الإمام.
* منع وصول الإمام الحوثي للسلطة بكل الوسائل الممكنة (سياسية وعسكرية)
* أحكام القبضة على المؤاني اليمنية لمنع تهريب الصواريخ الايرانية.
* التوسع في شراء المنظومات المضادة للصواريخ مثل (بتاريوت الأمريكية) و (أس-300 الروسية) ونشرها في جنوب البلاد وحول المنشئات الحيوية مثل القواعد العسكرية ، مطارات ، حقول نفط ، موانيء.
* التوسع في المشروعات التنموية الضخمة في اليمن مما يعزز حضور المملكة في اليمن ويقلل من التغلل الإيراني الخبيث .
حمى الله بلادنا وولاة أمرنا من كل شر ومكروه أنه ولي ذلك والقادر عليه.
تصبحون على ألف خير
====================
زيدي : نسبة إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قلت وهو أقرب المذاهب الشيعية إلى مذهب أهل السنة وللزيدية أسم أخر وهو (الهادوية) نسبة إلى الإمام الهادي يحيى بن الحسين وكان المذهب الزيدي هو المذهب السائد في شرافة الحجاز (400-1340 هجرية)
جارودي : قلت وإنّما سمّوا (جارودية) لاَنّهم قالوا بقول أبي الجارود وهو زياد بن منذر العبدي المتوفى سنة 150هـ والذي زعم أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم _ نصّ على أمامة علي بن أبي طالب بالوصف لا بالتسمية ، وأنّ الناس ضلّوا وكفروا بتركهم الاقتداء به. بل أن الإمام المنصور عبد الله بن حمزة وهو من أئمة الطائفة الجارودية يقول بتكفير كل من لا يتبع مذهبم حيث قال "ولا كفر أكبر من كفر هذه الفرق المخالفة لنا" والطائفة الجارودية هي من اشد الفرق الشيعية في نظرتها للآخر فهي ترى فيمن خالف مذهبها كفر أبتداء وليس ردة أو انحراف كما ترى الأمامة الأثنى عشرية.
شاهنشاه : ملك الملوك وهو لقب آخر ملك من الأسرة البهلوية محمد رضا بهلوي التي حكمت بلاد فارس (إيران)